كتاب الممتع في شرح المقنع ت ابن دهيش ط 3 (اسم الجزء: 4)

قال: (السابع: سقاه سماً لا يعلم به، أو خلط سماً بطعام فأطعمه، أو خلطه بطعامه فأكله ولا يعلم به: فمات فإن علم آكله به وهو بالغ عاقل أو خلطه بطعام نفسه فأكله إنسان بغير إذنه فلا ضمان عليه).
أما كون السابع مما ذكر ما ذكر؛ فلأنه يلي السادس.
وأما كون سقي السم لمن لا يعلم به عمداً؛ فلأنه فعل فعلاً يقتل مثله غالباً. فكان عمداً؛ كما لو ضربه بمحدد.
وأما كون خلط السم بطعام وإطعامه إياه عمداً؛ فلأن ذلك في معنى سقيه السم لاشتراكهما في حصول الموت بكل واحد منهما.
فإن قيل: روى أنس «أن يهوديةً أتتِ النبي صلى الله عليه وسلم بشاةٍ مسمومةٍ فأكلَ منها ولم يَقتُلْها» (¬1).
قيل: لا حجة في ذلك؛ لأن أنساً لم يذكر أنه مات من ذلك أحد. والقصاص إنما يجب بشرط الموت ولذلك جاء في رواية أبي سلمة «أن بشرَ بن البراء (¬2) ماتَ فأرسلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى اليهودية فاعترفتْ فأمرَ بها فقُتِلَت» (¬3). أخرجه أبو داود.
وأما كون خلط السم بطعام شخص إذا أكله غير عالمٍ بكونه مسموماً فمات عمداً؛ فلأن الشخص يغلب على الظن أكله لطعامه فإذا سمّه شخص فقد قصد قتله به غالباً. فكان ذلك عمداً؛ كما لو خلط طعام نفسه به ثم أطعمه إياه.
وأما كونه لا ضمان عليه إذا علم الآكل بكون الطعام مسموماً؛ فلأنه أكله مع علمه بكونه قاتلاً. فلم يكن فيه ضمان؛ كما لو قدم له سكيناً فقتل نفسه بها.
__________
(¬1) أخرجه البخاري في صحيحه (2474) 2: 923 كتاب الهبة، باب قبول الهدية من المشركين.
وأخرجه مسلم في صحيحه (2190) 4: 1721 كتاب السلام، باب السم.
(¬2) في الأصول: بشر بن العلاء، وما أثبتناه من السنن.
(¬3) أخرجه أبو داود في سننه (4510) 4: 173 كتاب الديات، باب فيمن سقى رجلاً سماً أو أطعمه فمات أيقاد منه.

الصفحة 12