كتاب الممتع في شرح المقنع ت ابن دهيش ط 3 (اسم الجزء: 4)

فصل [في قتل الجماعة بالواحد]
قال المصنف رحمه الله: (وتقتل الجماعة بالواحد. وعنه: لا يقتلون. والمذهب الأول).
أما كون الجماعة تقتل بالواحد على المذهب؛ فـ «لأن عمر بن الخطاب قتلَ سبعة من أهلِ صنعاء قتلوا رجلاً. وقال: لو تمالأَ عليه أهلُ صنعاءَ لقتلتُهم جميعًا» (¬1).
وأما كونهم لا يقتلون على روايةٍ؛ فلأن مفهوم قول الله تعالى: {أن النفس بالنفس} [المائدة: 45] يدل على أنه لا تؤخذ أكثر من نفس واحدة بنفس واحدة.
ولأن كل واحد من الجماعة مكان للمقتول. فلا يؤخذ أبدال بمبدل واحد؛ كما لا تؤخذ ديات بمقتول واحد.
ولأن التفاوت في الأوصاف يمنع. فإن الحر لا يقتل بالعبد. فالتفاوت في العدد أولى.
وأما كون المذهب الأول؛ فلأن إجماع الصحابة عليه منهم عمر وقد تقدم. ويروى عن علي رضي الله عنه «أنه قتلَ ثلاثة قتلُوا رجلاً» (¬2)، وعن ابن عباس رضي الله عنه: «أنه قتلَ جماعةً بواحدٍ» (¬3). ولم يعرف لهم في عصرهم مخالف.
ولأنها عقوبة تجب للواحد على الواحد. فوجبت على الجماعة؛ كحد القذف.
¬__________
(¬1) ذكره البخاري في صحيحه معلقاً 6: 2527 كتاب الديات، باب إذا أصاب قوم من رجل هل يعاقب أو يقتص منهم كلهم.
وأخرجه الشافعي في مسنده (333) 2: 100 كتاب الديات.
(¬2) أخرج نحوه ابن أبي شيبة في مصنفه (27687) 5: 428 كتاب الديات، الرجل يقتله النفر.
(¬3) أخرج عبد الرزاق في مصنفه عن ابن عباس قال: «لو أن مئة قتلوا رجلاً قتلوا به» (18082) 9: 479 كتاب العقول، باب النفر يقتلون الرجل.

الصفحة 22