كتاب الممتع في شرح المقنع ت ابن دهيش ط 3 (اسم الجزء: 4)

قال: (ولو جرح مسلم ذمياً أو حر عبداً ثم أسلم المجروح وعتق ومات: فلا قود وعليه دية حر مسلم في قول ابن حامد، وفي قول أبي بكر عليه في الذمي دية ذمي وفي العبد قيمته لسيده).
أما كون الجارح فيما ذكر لا قود عليه؛ فلأن المكافأة معدومة حالة الجناية.
وأما كونه عليه الدية؛ فلأن القود إذا تعذر تعينت الدية.
وأما كونها دية حر مسلم في قول ابن حامد؛ فلأن الاعتبار في الدية بحال استقرار الجناية. بدليل ما لو قطع يدَي رجل ورجلَيه فتسري إلى نفسه: ففيه دية واحدة اعتباراً لحال استقرار الجناية لأنه لو لم يعتبر ذلك وجب ديتان.
وأما كونها في الذمي دية ذمي، وفي العبد قيمته لسيده في قول أبي بكر؛ فلأن كل واحد من الذمي والعبد يجب بقتله ذلك وهو ذمي أو عبد حال الجناية. فكذلك إذا أسلم أو أعتق.
قال: (وإن رمى مسلم ذمياً عبداً فلم يقع به السهم حتى عتق وأسلم فلا قود وعليه دية حر مسلم إذا مات من الرمية. ذكره الخرقي. وقال أبو بكر: عليه القصاص).
أما كون الرامي المذكور لا قود عليه على ما ذكره الخرقي؛ فلأن القاتل لم يقصد إلى نفس مكافئة له حال الرمي. فلم يجب عليه قود؛ كما لو رمى حربياً أو مرتداً فأسلم.
فعلى هذا يجب بذلك دية حر مسلم إذا مات من الرمية؛ لأن القود إذا تعذر تعينت الدية.
وأما كونه عليه القصاص على قول أبي بكر؛ فلأنه قتل مكافئاً له ظلماً عمداً. أشبه ما لو كان حال الرمي كذلك. يحققه أن الاعتبار بحال الإصابة. بدليل ما لو رمى مسلماً فلم يصبه حتى ارتد أو مات فإنه لا يلزمه شيء. ولو اعتبر حال الرمي لوجب القود؛ لأنه مكلف حينئذ.
والأول أصح؛ لما تقدم.

الصفحة 36