كتاب الممتع في شرح المقنع ت ابن دهيش ط 3 (اسم الجزء: 4)

ولأنه فعل يتعذر معه القصاص. فوجبت الدية في تركته؛ كما لو مات حتف أنفه.
فعلى هذا يرجع ورثة الجاني بذلك على القاتل لأنه أتلف بدل ذلك بغير حق.
قال: (وإن عفى بعضهم سقط القصاص. وإن كان العافي زوجاً أو زوجة فللباقين حقهم من الدية على الجاني. فإن قتله الباقون عالمين بالعفو وسقوط القصاص به: فعليهم القود، وإلا فلا قود وعليهم ديته. وسواء كان الجميع حاضرين أو بعضهم غائباً).
أما كون القصاص يسقط إذا عفى بعض مستحقي الدم؛ فلأن القتل عبارة عن زهوق الروح بآلة صالحة له، وذلك لا يتبعض فإذا أسقط بعض مستحقيه حقه منه تعذر استيفاؤه.
وأما قول المصنف رحمه الله: وإن كان العافي زوجاً أو زوجة؛ ففيه تنبيه على أنهما يرثان من الدم. وسيأتي ذلك مصرحاً به إن شاء الله تعالى (¬1).
فعلى هذا يسقط القصاص بعفوهما؛ لأنهما بعض مستحقي الدم. أشبها (¬2) بقية ذوي الفروض، وفي الحديث عن عمر رضي الله عنه «أن رجلاً قتلَ رجلاً. فقالت أختُ المقتول وهي زوجة القاتل: عفوتُ عن حقّي من القصاص. فقال عمر: اللهُ أكبر! عَتَقَ الرجُل» (¬3).
وأما كون الباقين لهم حقهم من الدية على الجاني؛ فلأن تعذر القصاص يوجب الدية؛ لأنها تتعين عنده.
وأما كونهم عليهم القود إذا قتلوه وكانوا عالمين بالعفو وسقوط القصاص؛ فلأنه قتل عمد عدوان. أشبه ما لو قتلوه ابتداء.
وأما كونهم لا قود عليهم إذا لم يكونوا عالمين بالعفو؛ فلأن القاتل مع عدم علمه بالعفو كالقاتل مع عدم العفو، والقاتل مع عدم العفو لا قود عليه. فليكن هذا مثله.
¬__________
(¬1) ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..
(¬2) في د: أشبه.
(¬3) أخرجه عبدالرزاق في مصنفه (18188) 10: 13 كتاب العقول، باب العفو.

الصفحة 50