كتاب الممتع في شرح المقنع ت ابن دهيش ط 3 (اسم الجزء: 4)

وأما كونه يمكنه من الاستيفاء إذا كان يحسنه ويقدر عليه؛ فلأن القتل حق له. فكان له تمكينه من استيفائه بنفسه؛ كسائر الحقوق.
وأما كونه يأمره (¬1) بالتوكيل إذا لم يحسن ذلك؛ فلأنه عاجز عن استيفاء حقه بنفسه، والوكيل أحد طريقي الاستيفاء، وقد تعذر غيره فتعين عليه (¬2) فعله.
وأما كون أجرة الوكيل من مال الجاني إذا احتيج إليها؛ فلأنها أجرة لإيفاء ما عليه من الحق. فكانت لازمة له؛ كأجرة الكيال في الطعام المبيع.
قال: (والولي مخير بين الاستيفاء بنفسه إن كان يحسن وبين التوكيل. وقيل ليس له أن يستوفي في (¬3) الطرف بنفسه بحال. وإن تشاحّ أولياء المقتول في الاستيفاء قدم أحدهم بالقرعة).
أما كون الولي مخير إذا كان يحسن الاستيفاء في النفس بنفسه وبين التوكيل؛ فلأن التوكيل حق له. فكان له الخيرة فيه لما ذكر؛ كسائر الحقوق.
وأما كونه مخيرا في الطرف وهو ظاهر كلام الإمام أحمد؛ فلأن استيفاء الطرف أحد نوعي القصاص. أشبه النفس.
وأما كونه ليس له أن يستوفي في الطرف بنفسه بحال على وجه؛ فلأنه لا يؤمن مع قصد التشفي أن يجني عليه بما لا يمكن تلافيه.
وأما كون أحد الأولياء يقدم في القرعة إذا تشاحوا في الاستيفاء؛ فلأن الحقوق إذا تساوت وعُدم الترجيح شُرعت القرعة؛ كما لو تشاحّوا في تزويج موليتهم.
ولا بد أن يُلحظ في ذلك أنه إذا قدم أحدهم بالقرعة فقرع بينهم فوقعت عليه لا يجوز له أن يستوفي إلا بإذن بقية الأولياء؛ لأن الحق لهم فلا يجوز استيفاؤه بغير إذنهم.
¬__________
(¬1) في أ: يأمر.
(¬2) ساقط من د.
(¬3) مثل السابق.

الصفحة 57