كتاب الممتع في شرح المقنع ت ابن دهيش ط 3 (اسم الجزء: 4)

وأما كون الواجب القصاص عيناً في روايةٍ؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «منْ قُتِلَ عمداً فهوَ قَوَد» (¬1).
ولأنه بدل متلف. فكان معيناً؛ كسائر المتلفات.
وأما كون الأول في ظاهر المذهب؛ فلما تقدم. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كانَ في بني إسرائيلَ القصاصُ ولم تكنْ فيهمُ الديّةُ فأنزل اللهُ هذه الآية: {كُتب عليكم القصاص في القتلى ... الآية} [البقرة: 178]» (¬2).
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «منْ قُتِلَ له قتيلٌ فهو بخير النظرين: إما أن يُودَى، وإما يقاد» (¬3) متفق عليه.
وروي عنه أنه قال: «ثم أنتمْ يا خُزاعةَ قد قَتلتُمْ هذا القتيلَ وإنا واللهِ عاقلتُه. فمن قَتَلَ بعدَهُ قَتيلاً فأهلُه بين خِيَرَتيْنِ: إن أحبُّوا قَتَلُوا وإن أحبُّوا أخذوا الديّة» (¬4). رواه أبو داود.
ولأن الدية أحد بدلي النفس. فإذا وجبت كانت بدلاً عنها لا عن بدلها؛ كالقصاص.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «فهوَ قَوَد» (¬5) فالمراد به وجوب القود، وذلك مما لا نزاع فيه.
وأما قياس القتل على سائر المتلفات فلا يصح لأن الفرق بينه وبينها ظاهر، وذلك [أن القتل يخالف سائر المتلفات] (¬6) لأن بدلها لا يختلف بالقصد وعدمه، والقتل بخلافه.
¬__________
(¬1) سبق تخريجه ص: 15
(¬2) أخرجه البخاري في صحيحه (4228) 4: 1636 كتاب تفسير القرآن، باب: {يا أيها الذين آمنوا كتب ... }.
وأخرجه النسائي في سننه (4781) 8: 36 كتاب القسامة، تأويل قوله عز وجل: {فمن عفي له من أخيه ... }.
(¬3) سبق تخريجه ص: 9
(¬4) أخرجه أبو داود في سننه (4504) 4: 172 كتاب الديات، باب ولي العمد يرضى بالدية.
(¬5) سبق تخريجه ص: 15
(¬6) ساقط من أ.

الصفحة 64