كتاب الممتع في شرح المقنع ت ابن دهيش ط 3 (اسم الجزء: 4)

قال: (وإن عفى مطلقاً وقلنا الواجب أحد شيئين فله الدية، وإن قلنا الواجب القصاص عيناً فلا شيء له. وإن مات القاتل وجبت الدية في تركته).
أما كون من عفى مطلقاً وقيل الواجب أحد شيئين: له الدية؛ فلأن العفو المطلق يحمل على العفو عن القصاص لأن ذلك المتبادر والغالب، وإذا كان كذلك بقيت الدية غير معفو عنها. فتتعين. ضرورة أن سقوط أحد الواجبين يعين الآخر.
وأما كونه لا شيء له إذا قيل الواجب القصاص عيناً؛ فلأن الدية غير واجبة. فإذا سقط الدم لم يبق له شيء.
وأما كون القاتل إذا مات تجب الدية في تركته؛ فلأن القصاص تعذر من غير جهة ولي الجناية. فبقيت الدية؛ لأنها بدل القتل.
قال: (وإذا قطع أصبعاً عمداً فعفى عنه ثم سرت إلى الكف أو النفس وكان العفو على مال فله تمام الدية، وإن عفى إلى غير شيء فلا شيء له على ظاهر كلامه. ويحتمل أن له تمام الدية، وإن عفى مطلقاً انبنى على الروايتين في موجب العمد. وإن قال الجاني: عفوت مطلقاً أو عفوت عنها وعن سرايتها قال: بل عفوت إلى مال أو عفوت عنها دون سرايتها فالقول قوله مع يمينه).
أما كون من قطع أصبعاً عمداً فعفى عنه ثم سرت جنايته إلى الكف أو النفس وكان العفو على مال للعافي تمام الدية؛ فلأن قصاص الذي تلف بالسراية ممتنع. ضرورة أنه لا يمكن استيفاؤه دون ما عفي عنه. وإذا كان كذلك تعين تمام الدية لأن كل موضع تعذر القصاص تعينت الدية، وقد أخذ بعضها فتعين له تمامها.
وأما كونه إذا عفى إلى غير مال لا شيء له على ظاهر كلام أحمد؛ فلأن العفو عن الجناية عفو عن سرايتها وقد حصل العفو عن الإصبع. فوجب أن يحصل عن الذي سرى إليه.
وأما كونه يحتمل أن له تمام الدية؛ فلأن المجني عليه إنما عفى عن دية الإصبع. فوجب أن يثبت له تمام الدية. ضرورة كونه غير معفو عنه.

الصفحة 66