كتاب الممتع في شرح المقنع ت ابن دهيش ط 3 (اسم الجزء: 4)

وأما كون من عفى مطلقاً ينبني عفوه على الروايتين في موجب العمد (¬1)؛ فلأن الحكم يختلف باختلاف ذلك.
فعلى هذا إذا قيل الواجب أحد الأمرين فهو كما لو عفى على مال، وإذا قيل الواجب القصاص عيناً فهو كما لو عفى إلى غير مال.
وأما كون القول قول المجني عليه إذا قال له الجاني: عفوت مطلقاً، وقال: بل عفوت إلى مال؛ فلأنه منكر للعفو المطلق والقول قول المنكر.
ولأن الجاني ادّعى وقوع العفو مطلقاً، والأصل عدمه. فالقول قول مدعي الأصل.
وأما كون القول قوله إذا قال الجاني: عفوت عن الجناية وعن سرايتها، وقال: بل (¬2) عفوت عنها دون سرايتها؛ فلما ذكر من الوجهين قبل.
وأما كون ذلك مع يمينه في المسألتين جميعاً؛ فلأن صدق الجاني محتمل. فوجب اليمين؛ ليكون النكول طريقاً إلى ثبوت دعواه.
قال: (وإن قتل الجاني العافي فلوليه القصاص أو الدية كاملة. وقال القاضي: له القصاص أو تمام الدية).
أما كون ولي العافي له القصاص فيما ذكر؛ فلأن قتله انفرد عن قطعه. أشبه ما لو كان القاطع غيره.
وأما كونه له الدية كاملة وهو قول أبي الخطاب؛ فلأن القتل منفرد عن القطع. فلم يدخل حكم أحدهما في الآخر.
ولأن القتل الصادر هنا موجب للقتل. فأوجب الدية كاملة؛ كما لو لم يتقدمه عفو.
وأما كونه له تمام الدية على قول القاضي؛ فلأن القتل إذا تعقب الجناية قبل الاندمال صار بمنزلة سرايته ولو سرى لم يجب إلا تمام الدية. فكذلك فيما هو بمنزلته.
¬__________
(¬1) ر ص: 63
(¬2) زيادة في د.

الصفحة 67