كتاب الممتع في شرح المقنع ت ابن دهيش ط 3 (اسم الجزء: 4)

ولأن في الحديث: «أن الرُّبَيِّع بنت النضر كَسرتْ ثنية الجارية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كتابَ اللهِ القصاص» (¬1). ولا يمكن أخذ ذلك بالكسر؛ لأنه لا يؤمن به الزيادة.
ولأنه لا يؤمن معه أن ينصدع السن أو يتقدم أو ينكسر من غير موضع القصاص. فتعين البرد؛ لكونه طريقاً ليس غيره يقوم مقامه.
وأما كون أمن القلع شرطاً في البرد المذكور؛ فلأن توهم الزيادة يَمنع في الأعضاء كما لو قطعت يده من غير مفصل. فكذلك يجب أن يَمنع هاهنا.
فإن قيل: القصاص جاز في الطرف مع توهم السراية إلى النفس. فلم يمنع هنا التوهم (¬2) السراية إلى بعض العضو؟
قيل: توهم السراية إلى النفس لا سبيل إلى التحرز منه. فلو اعتبر في المنع لسقط القصاص في الطرف بالكلية. أما السراية إلى بعض العضو فتارة يمنع القصاص فيها احتمال الزيادة في الفعل لا في الزيادة.
وأما كون السن لا يقتص منها حتى ييأس من عودها؛ فلأن القصاص يدرأ بالشبهات (¬3). فإذا كانت السن غير مأيوس من عودها كان ذلك شبهة. فوجب درأ القصاص بذلك.
وأما كون ذلك يرجع فيه إلى قول أهل الخبرة عند الاختلاف؛ فلأن قولهم يغلب على الظن حصول ما يقولونه.
وأما كون الجاني عليه الدية إذا مات المجني عليه قبل اليأس من عودها؛ فلأن العود مشكوك فيه والقلع متحقق والقصاص سقط للشبهة فرجع إلى الدية.
وأما كونها لا قصاص فيها؛ فلأن شرطه اليأس من عودها ولم يوجد.
وأما كون سن الجاني يغرمها المجني عليه إذا (¬4) اقتص منها ثم عادت؛ فلأنا تبينا بعودها عدم وجوب القصاص، وذلك يقتضي وجوب دية السن لأن القصاص منتفٍ لوجهين:
¬__________
(¬1) سبق تخريجه ص: 71
(¬2) في د: فلم منع منه هنا لتوهم.
(¬3) في د: بالشبهة.
(¬4) في د: ثم.

الصفحة 87