كتاب تاريخ الإسلام ت بشار (اسم الجزء: 4)

24 - حَمَّادُ الرَّاوِيَةُ، هُوَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، ولاؤه لبكر بن وائل، وَقِيلَ: اسْمُ أَبِيهِ سَابُورُ بْنُ مُبَارَكٍ الدَّيْلَمِيُّ الْكُوفِيُّ. [الوفاة: 151 - 160 ه]
كَانَ أَخْبَارِيًّا عَلامَةً، خَبِيرًا بِأَيَّامِ الْعَرَبِ وَأَنْسَابِهَا وَوَقَائِعَهَا وَلُغَاتِهَا وَشِعْرِهَا، وَكَانَتْ بَنُو أُمَيَّةَ تُقَدِّمُهُ وَتُؤْثِرُهُ وَتُحِبُّ مُجَالَسَتَهُ.
قِيلَ: إِنَّ الْوَلِيدَ بْنَ يَزِيدَ قَالَ لَهُ: كَمْ مِقْدَارُ مَا تَحْفَظُ مِنَ الشِّعْرِ؟ فَقَالَ: كَثِيرٌ، وَلَكِنِّي أُنْشِدُكَ عَلَى كُلِّ حرف مِائَةَ قَصِيدَةٍ طَوِيلَةٍ سِوَى الْمُقَطَّعَاتِ مِنْ شِعْرِ الْجَاهِلِيَّةِ دُونَ شِعْرِ الإِسْلامِ، قَالَ: سَأَمْتَحِنُكَ، فَأَنْشَدَهُ حَتَّى ضَجَرَ الْوَلِيدُ، فَوَكَّلَ بِهِ مَنْ يستوفي عليه، فأنشده ألفين وسبع مائة قَصِيدَةً، فَأَمَرَ لَهُ بِمِائَةِ أَلْفٍ.
وَكَانَ حَمَّادٌ قَدِ انْقَطَعَ إِلَى يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي خِلافَتِهِ، وَكَانَ هِشَامٌ -[40]- يجفوه لذلك، وقد وصله مرة واستشهده.
رَوَى عَنْ: الْفَرَزْدَقِ، وَأَمْثَالِهِ.
رَوَى عَنْهُ: الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الأَجْلَحِ، وَجَمَاعَةٌ.
قلت: وفي لزومه ليزيد نظر إلا أَنْ يَكُونَ يَزِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَإِنَّ مَوْلِدَ حَمَّادٍ قَبْلَ سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ.
وَقِيلَ: إِنَّ حَمَّادًا قَرَأَ الْقُرْآنَ مِنَ الْمُصْحَفِ فَصَحَّفَ فِي نَيِّفٍ وَثَلاثِينَ مَوْضِعًا.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ: هُوَ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ أَشْعَارَ الْعَرَبِ، وَكَانَ غَيْرَ مَوْثُوقٍ بِهِ، كَانَ يَنْحِلُ شِعْرًا لِرَجُلٍ غَيْرَهُ، وَيَزِيدُ فِي الأَشْعَارِ.
قِيلَ: تُوُفِّيَ حماد الراوية خمس وخمسين ومائة، وقيل: سنة ست.

الصفحة 39