كتاب لسان العرب (اسم الجزء: 4)

قَالَ الْعَجَّاجُ:
فَحَطَّ فِي عَلْقَى وَفِي مُكُور
فَجَعَلَهَا للتأْنيث وَلَمْ يصرِفْ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَحَكَى أَصحابُنا أَنَّ أَبا عُبَيْدَةَ قَالَ فِي بَعْضِ كَلَامِهِ: أُراهم كأَصحابِ التصريفِ يَقُولُونَ إِنَّ عَلَامَةَ التأْنيثِ لَا تدخلُ عَلَى عَلَامَةِ التأْنيثِ؛ وَقَدْ قَالَ الْعَجَّاجُ:
فَحَطَّ فِي عَلْقَى وَفِي مُكُورِ
فَلَمْ يصرِفْ، وَهُمْ مَعَ هَذَا يَقُولُونَ عَلْقَاة، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبا عثمانَ فَقَالَ: إنَّ أَبا عُبَيْدَةَ أَخفى مِن أَن يَعرِف مِثْلَ هَذَا؛ يُرِيدُ مَا تقدَّم ذكرهُ مِنِ اختلافِ التَّقْدِيرَيْنِ فِي حالَيْنِ مختلِفينِ. وقولُهُم: لَا أَفْعلهُ أُخْرَى اللَّيَالِي أَي أَبداً، وأُخْرَى المنونِ أَي آخِرَ الدهرِ؛ قَالَ:
وَمَا القومُ إِلَّا خمسةٌ أَو ثلاثةٌ، ... يَخُوتونَ أُخْرَى القومِ خَوْتَ الأَجادلِ
أَي مَنْ كَانَ فِي آخِرهم. والأَجادلُ: جَمْعُ أَجْدلٍ الصَّقْر. وخَوْتُ البازِي: انقضاضُهُ للصيدِ؛ قَالَ ابنُ بَرِّي: وَفِي الْحَاشِيَةِ بيتٌ شاهدٌ عَلَى أُخْرَى المنونِ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْجَوْهَرِيِّ، وَهُوَ لِكَعْبِ بْنِ مالِكٍ الأَنصارِيّ، وهو:
أَن لَا تَزَالُوا، مَا تَغَرَّدَ طائِرٌ ... أُخْرَى المنونِ، مَوالياً إِخوانا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَبْلَهُ:
أَنَسيِتُمُ عَهْدَ النَّبيِّ إِليكُمُ، ... وَلَقَدْ أَلَظَّ وأَكَّدَ الأَيْمانا؟
وأُخَرُ: جَمْعُ أُخْرَى، وأُخْرَى: تأْنيثُ آخَرَ، وَهُوَ غيرُ مصروفٍ. وَقَالَ تَعَالَى: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ*
، لأَن أَفْعَلَ الَّذِي مَعَهُ مِنْ لَا يُجْمَعُ وَلَا يؤنَّثُ مَا دامَ نَكِرَةً، تقولُ: مررتُ برجلٍ أَفضلَ مِنْكَ وبامرأَةٍ أَفضل مِنْكَ، فإِن أَدْخَلْتَ عَلَيْهِ الأَلِفَ واللَام أَو أَضفتَه ثَنَّيْتَ وجَمَعْتَ وأَنَّثْت، تقولُ: مررتُ بالرجلِ الأَفضلِ وَبِالرِّجَالِ الأَفضلِينَ وبالمرأَة الفُضْلى وبالنساءِ الفُضَلِ، ومررتُ بأَفضَلهِم وبأَفضَلِيهِم وبِفُضْلاهُنَّ وبفُضَلِهِنَّ؛ وَقَالَتِ امرأَةٌ مِنَ الْعَرَبِ: صُغْراها مُرَّاها؛ وَلَا يَجُوزُ أَن تَقُولَ: مررتُ برجلٍ أَفضلَ وَلَا برجالٍ أَفضَلَ وَلَا بامرأَةٍ فُضْلَى حَتَّى تصلَه بمنْ أَو تُدْخِلَ عَلَيْهِ الأَلفَ واللامَ وَهُمَا يَتَعَاقَبَانِ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ آخَرُ لأَنه يؤنَّثُ ويُجْمَعُ بغيرِ مِنْ، وَبِغَيْرِ الأَلف واللامِ، وَبِغَيْرِ الإِضافةِ، تقولُ: مررتُ بِرَجُلٍ آخَرَ وَبِرِجَالٍ أُخَرَ وآخَرِين، وبامرأَة أُخْرَى وَبِنِسْوَةٍ أُخَرَ، فَلَمَّا جَاءَ مَعْدُولًا، وَهُوَ صِفَةٌ، مُنِعَ الصرفَ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ جمعٌ، فإِن سَمَّيْتَ بِهِ رَجُلًا صرفتَه فِي النَّكِرَة عِنْدَ الأَخفشِ، وَلَمْ تَصرفْه عِنْدَ سِيبَوَيْهِ؛ وَقَوْلُ الأَعشى:
وعُلِّقَتْني أُخَيْرَى مَا تُلائِمُني، ... فاجْتَمَعَ الحُبُّ حُبٌّ كلُّه خَبَلُ
تصغيرُ أُخْرَى. والأُخْرَى والآخِرَةُ: دارُ البقاءِ، صفةٌ غَالِبَةٌ. والآخِرُ بعدَ الأَوَّلِ، وَهُوَ صِفَةٌ، يُقَالُ: جَاءَ أَخَرَةً وبِأَخَرَةٍ، بِفَتْحِ الخاءِ، وأُخَرَةً وبأُخَرةٍ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ بحرفٍ وَبِغَيْرِ حرفٍ أَي آخرَ كلِّ شيءٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يقولُ: بِأَخَرَةٍ إِذا أَراد أَن يقومَ مِنَ المجلِسِ كَذَا وَكَذَا
أَي فِي آخِر جُلُوسِهِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ فِي آخِرِ عمرِه، وَهُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ والخاءُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي هُرَيْرَةَ: لَمَّا كَانَ بِأَخَرَةٍ
وَمَا عَرَفْتُهُ إِلَّا بأَخَرَةٍ أَي أَخيراً. وَيُقَالُ: لقيتُه أَخيراً وَجَاءَ أُخُراً وأَخيراً وأُخْرِيّاً وإِخرِيّاً وآخِرِيّاً

الصفحة 14