كتاب لسان العرب (اسم الجزء: 4)

فَتَأَزَّرَ. وَفِي حَدِيثِ المْبعثَ:
قَالَ لَهُ وَرَقَةُ إِنْ يُدْرِكْني يومُك أَنْصُرْك نَصْراً مُؤَزَّراً
أَي بَالِغًا شَدِيدًا يُقَالُ: أَزَرَهُ وآزَرَهُ أَعانه وأَسعده، مِنَ الأَزْر: القُوَّةِ والشِّدّة؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي بَكْرٍ أَنه قَالَ للأَنصار يَوْمَ السَّقِيفَةِ: لَقَدْ نَصَرْتُم وآزَرْتُمْ وآسَيْتُمْ.
الْفَرَّاءُ: أَزَرْتُ فُلَانًا آزُرُه أَزْراً قَوَّيْتُهُ، وآزَرْتُه عَاوَنْتُهُ، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ: وازَرْتُه. وقرأَ ابْنُ عَامِرٍ: فَأَزَرَهُ فاسْتَغْلَظَ، عَلَى فَعَلَهُ، وقرأَ سَائِرُ الْقُرَّاءِ: فَآزَرَهُ
. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: آزَرْتُ الرجلَ عَلَى فُلَانٍ إِذا أَعنته عَلَيْهِ وَقَوَّيْتَهُ. قَالَ: وَقَوْلُهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ؛ أَي فآزَرَ الصغارُ الكِبارَ حَتَّى اسْتَوَى بَعْضُهُ مَعَ بَعْضٍ. وإِنه لحَسَنُ الإِزْرَةِ: مِنَ الإِزارِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
مثلَ السِّنان نَكيراً عِنْدَ خِلَّتِهِ ... لِكُلِّ إِزْرَةِ هَذَا الدَّهْرِ ذَا إِزَرِ
. وجمعُ الإِزارِ أُزُرٌ. وأَزَرْتُ فُلَانًا إِذا أَلبسته إِزاراً فَتَأَزَّرَ تَأَزُّراً. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: العَظَمَة إِزاري والكِبْرياء رِدَائِي
؛ ضَرَبَ بِهِمَا مَثَلًا فِي انْفِرَادِهِ بِصِفَةِ الْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ أَي لَيْسَا كَسَائِرِ الصِّفَاتِ الَّتِي قَدْ يَتَّصِفُ بِهَا الْخَلْقُ مَجَازًا كَالرَّحْمَةِ وَالْكَرَمِ وَغَيْرَهِمَا، وشَبَّهَهُما بالإِزار وَالرِّدَاءِ لأَن الْمُتَّصِفَ بِهِمَا يَشْتَمِلَانِهِ كَمَا يَشْتَمِلُ الرداءُ الإِنسان، وأَنه لَا يُشَارِكُهُ فِي إِزاره وَرِدَائِهِ أَحدٌ، فَكَذَلِكَ لَا يَنْبَغِي أَن يشاركه اللهَ تَعَالَى فِي هَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ أَحدٌ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
تَأَزَّرَ بالعَظَمَةِ وتَردّى بِالْكِبْرِيَاءِ وَتَسَرْبَلَ بِالْعِزِّ
؛ وَفِيهِ:
مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزارِ فَفِي النَّارِ
أَي مَا دُونَهُ مِنْ قدَم صَاحِبِهِ فِي النَّارِ عُقُوبَةً لَهُ، أَو عَلَى أَن هَذَا الْفِعْلَ مَعْدُودٌ فِي أَفعال أَهل النَّارِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ وَلَا جَنَاحَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ
؛ الإِزرة، بِالْكَسْرِ: الْحَالَةُ وَهَيْئَةُ الِائْتِزَارِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُثْمَانَ: قَالَ لَهُ أَبانُ بنُ سَعِيدٍ: مَا لِي أَراك مُتَحَشِّفاً؟ أَسْبِلْ، فقال: هَكَذَا كَانَ إِزْرَةُ صَاحِبِنَا.
وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ يُبَاشِرُ بَعْضَ نِسَائِهِ وَهِيَ مُؤْتَزِرَةٌ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ
؛ أَي مَشْدُودَةُ الإِزار. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ
وَهِيَ مُتَّزِرَةٌ
، قال: وهو خطأٌ لأَن الْهَمْزَةَ لَا تُدْغَمُ فِي التَّاءِ. والأُزْرُ: مَعْقِدُ الإِزارِ، وَقِيلَ: الإِزار كُلُّ مَا وَارَاكَ وسَتَرك؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: رأَيت السَّرَوِيَّ «3» يَمْشِي فِي دَارِهِ عُرْياناً، فَقُلْتُ لَهُ: عُرْيَانًا؟ فَقَالَ: دَارِي إِزاري. والإِزارُ: العَفافُ، عَلَى الْمِثْلِ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
أَجْلِ أَنَّ اللهَ قَدْ فَضَّلَكُمْ ... فَوْقَ مَنْ أَحْكأَ صُلْباً بِإِزارِ
أَبو عُبَيْدٍ: فُلَانٌ عَفِيفُ المِئْزَر وَعَفِيفُ الإِزارِ إِذا وُصِفَ بِالْعِفَّةِ عَمَّا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنَ النِّسَاءِ، وَيُكَنَّى بالإِزار عَنِ النَّفْسِ وَعَنِ المرأَة؛ وَمِنْهُ قَوْلُ نُفَيْلَةَ الأَكبر الأَشْجعيّ، وَكُنْيَتُهُ أَبو المِنْهالِ، وَكَانَ كَتَبَ إِلى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَبياتاً مِنَ الشِّعْرِ يُشِيرُ فِيهَا إِلَى رَجُلٍ، كَانَ وَالِيًا عَلَى مَدِينَتِهِمْ، يُخْرِجُ الجواريَ إِلى سَلْعٍ عِنْدَ خُرُوجِ أَزواجهن إِلى الْغَزْوِ، فيَعْقِلُهُن وَيَقُولُ لَا يَمْشِي فِي العِقال إِلا الحِصَان، فَرُبَّمَا وَقَعَتْ فَتَكَشَّفَتْ، وَكَانَ اسْمُ هَذَا الرَّجُلِ جَعْدَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِيَّ؛ فَقَالَ:
أَلا أَبلِغْ، أَبا حَفْصٍ، رَسُولًا ... فِدىً لَكَ، مِنْ أَخي ثِقَةٍ، إِزاري
قَلائِصَنَا، هَدَاكَ اللَّهُ، إِنا ... شُغِلْنَا عنكُمُ زَمَنَ الحِصَارِ
__________
(3). قوله [السروي] هكذا بضبط الأصل.

الصفحة 17