كتاب لسان العرب (اسم الجزء: 4)

وَقَالَ: وَمَعْنَى أَعارَت رَفَعَتْ وَحَوَّلَتْ، قَالَ: وَمِنْهُ إِعارةُ الثِّيَابِ والأَدوات. وَاسْتَعَارَ فلانٌ سَهْماً مِنْ كِنانته: رَفَعَهُ وحوَّله مِنْهَا إِلى يَدِهِ؛ وأَنشد قوله:
هتَّافة تَحْفِض مَن يُدِيرُها، ... وَفِي اليَدِ اليُمْنَى لِمُسْتَعِيرها،
شَهْباءُ تَروي الرِّيشَ مِن بَصِيرها
شَهْبَاءُ: مُعْبِلة، وَالْهَاءُ فِي مُسْتَعِيرها لَهَا. والبَصِيرة: طَرِيقَةُ الدَّمِ. والعِيرُ، مُؤَنَّثَةً: الْقَافِلَةُ، وَقِيلَ: العِيرُ الإِبل الَّتِي تَحْمِلُ المِيرَة، لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ
؛ وَرَوَى سَلَمَةُ عَنِ الْفَرَّاءِ أَنه أَنشده قَوْلَ ابْنِ حلِّزة:
زَعَمُوا أَنَّ كُلَّ مَن ضَرَبَ العِير
بِكَسْرِ الْعَيْنِ. قَالَ: والعِيرُ الإِبل، أَي كلُّ مَنْ رَكِب الإِبل مَوالِ لَنَا أَي العربُ كُلُّهُمْ موالٍ لَنَا مِنْ أَسفل لأَنا أَسَرْنا فِيهِمْ فلَنا نِعَمٌ عَلَيْهِمْ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا قَوْلُ ثَعْلَبٍ، وَالْجَمْعُ عِيَرات، قَالَ سِيبَوَيْهِ: جَمَعُوهُ بالأَلف وَالتَّاءِ لِمَكَانِ التأْنيث وَحَرَّكُوا الْيَاءَ لِمَكَانِ الْجَمْعِ بِالتَّاءِ وَكَوْنِهِ اسماً فأَجمعوا عَلَى لُغَةِ هُذَيْلٍ لأَنهم يَقُولُونَ جَوَزات وبَيَضات. قَالَ: وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ عِيرات، بالإِسكان، وَلَمْ يُكَسَّر عَلَى الْبِنَاءِ الَّذِي يُكَسَّر عَلَيْهِ مِثْلُهُ، جَعَلُوا التَّاءَ عِوَضًا مِنْ ذَلِكَ، كَمَا فَعَلُوا ذَلِكَ فِي أَشياء كَثِيرَةٍ لأَنهم مِمَّا يَسْتَغْنُونَ بالأَلف وَالتَّاءِ عَنِ التَّكْسِيرِ، وَبِعَكْسِ ذَلِكَ، وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ فِي قَوْلِهِ: وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ
كَانَتْ حُمُراً، قَالَ: وَقَوْلُ مَنْ قَالَ العِيرُ الإِبلُ خَاصَّةً باطلٌ. العِيرُ: كلُّ مَا امْتِيرَ عَلَيْهِ مِنَ الإِبل والحَمِير وَالْبِغَالِ، فَهُوَ عِيرٌ؛ قَالَ: وأَنشدني نُصَير لأَبي عَمْرٍو السَّعْدِيِّ فِي صِفَةِ حَمِير سَمَّاهَا عِيراً:
أَهكذا لَا ثَلَّةٌ وَلَا لَبَنْ؟ ... وَلَا يُزَكِّين إِذا الدَّيْنُ اطْمَأَنْ،
مُفَلْطَحات الرَّوْثِ يأْكُلْن الدِّمَنْ، ... لَا بُدَّ أَن يَخْترْن مِنِّي بَيْنَ أَنْ
يُسَقْنَ عِيراً، أَو يُبَعْنَ بالثَّمَنْ
قَالَ: وَقَالَ نصيرٌ الإِبل لَا تَكُونُ عِيراً حَتَّى يُمْتارَ عَلَيْهَا. وَحَكَى الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: العيرُ مِنَ الإِبل مَا كَانَ عَلَيْهِ حملُه أَو لَمْ يَكُنْ. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: أَنه كَانَ يَشْتَرِي العِيرَ حُكْرة، ثُمَّ يَقُولُ: مَنْ يُرْبِحُني عُقْلَها؟
العِيرُ: الإِبل بأَحْمالها. فِعْلٌ مِنْ عارَ يَعير إِذا سَارَ، وَقِيلَ: هِيَ قَافِلَةُ الحَمِير، وَكَثُرَتْ حَتَّى سُمِّيَتْ بِهَا كُلُّ قَافِلَةٍ، فَكُلُّ قَافِلَةٍ عِيرٌ كأَنها جَمْعُ عَيْر، وَكَانَ قِيَاسُهَا أَن يَكُونَ فُعْلًا، بِالضَّمِّ، كسُقْف فِي سَقْف إِلَّا أَنه حُوفِظَ عَلَى الْيَاءِ بِالْكَسْرَةِ نَحْوَ عِين. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنهم كَانُوا يَتَرَصَّدُونَ عِيَرات قُرَيْش
؛ هُوَ جَمْعُ عِير، يُرِيدُ إِبلهم وَدَوَابَّهُمُ الَّتِي كَانُوا يُتَاجِرُونَ عَلَيْهَا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَجاز لَهَا العيَرات
؛ هِيَ جَمْعُ عِيرٍ أَيضاً؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: اجْتَمَعُوا فِيهَا عَلَى لُغَةِ هُذَيْلٍ، يَعْنِي تَحْرِيكَ الْيَاءِ، وَالْقِيَاسُ التَّسْكِينُ؛ وَقَوْلُ أَبي النَّجْمِ:
وأَتَت النَّمْلُ القُرَى بِعِيرها، ... مِنْ حَسَكِ التَّلْع وَمِنْ خَافُورِهَا
إِنما اسْتَعَارَهُ لِلنَّمْلِ، وأَصله فِيمَا تَقَدَّمَ. وَفُلَانٌ عُيَيْرُ وَحْدِه إِذا انْفَرَدَ بأَمره، وَهُوَ فِي الذمِّ، كَقَوْلِكَ: نَسِيج وَحْدَهُ، فِي الْمَدْحِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: عُيَيْرُ وَحْدِه أَي يأْكل وَحْدَهُ. قَالَ الأَزهري: فلانٌ عُيَيْرُ وَحْدِهِ وجُحَيْش وَحْدِه. وَهُمَا اللَّذَانِ لَا يُشاوِران النَّاسَ وَلَا يُخَالِطَانِهِمْ وَفِيهِمَا مَعَ ذَلِكَ مَهَانَةٌ

الصفحة 624