كتاب حاشية السيوطي على سنن النسائي (اسم الجزء: 4)

حُسَيْنٌ فِي تَعْلِيقِهِ أَنَّ لِلطَّاعَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رِيحًا يَفُوحُ قَالَ فَرَائِحَةُ الصِّيَامِ فِيهَا بَيْنَ الْعِبَادَات كالمسك وَقد تنَازع بن عبد السَّلَام وبن الصّلاح فِي هَذِه الْمَسْأَلَة فَذهب بن عَبْدِ السَّلَامِ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ كَمَا فِي دَمِ الشَّهِيدِ وَاسْتَدَلَّ بِالرِّوَايَةِ الَّتِي فِيهَا يَوْم الْقِيَامَة وَذهب بن الصَّلَاحِ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا وَاسْتَدَلَّ بِمَا رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ فِي مُسْنَدِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ فِي فَضْلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي رَمَضَانَ أَمَّا الثَّانِيةُ فَإِنَّ خُلُوفَ أَفْوَاهِهِمْ حِينَ يُمْسُونَ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ قَالَ وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِلَى ذَلِكَ

[2215] يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ لِابْنِ خُزَيْمَةَ يَدَعُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ مِنْ أَجْلِي وَيَدَعُ لَذَّتَهُ مِنْ أَجْلِي وَيَدَعُ زَوْجَتَهُ مِنْ أَجْلِي الصِّيَامُ جُنَّةٌ بِضَمِّ الْجِيم أَي وقاية وَستر قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ مِنَ النَّارِ لِتَصْرِيحِهِ بِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآتِي وَقَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ مَعْنَى كَوْنِهِ جنَّة أَي بَقِي صَاحِبَهُ مَا يُؤْذِيهِ مِنَ الشَّهَوَاتِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ جُنَّةٌ أَيْ سُتْرَةٌ يَعْنِي بِحَسَبِ مَشْرُوعِيَّتِهِ فَيَنْبَغِي لِلصَّائِمِ أَنْ يَصُونَ صَوْمَهُ مِمَّا يُفْسِدُهُ وَيُنْقِصُ ثَوَابه واليه الْإِشَارَة بقوله

[2216] وَإِذا كَانَ يَوْم صِيَام أحدكُم فَلَا يرْفث بِضَم الْفَاء وَكسرهَا ومثلثة وَالْمرَاد بالرفث الْكَلَام الْفَاحِش وَهُوَ يُطلق على هَذَا وعَلى الْجِمَاع وعَلى مقدماته وَذكره مَعَ النِّسَاء أَو مُطلقًا وَيحْتَمل أَن يكون النَّهْي لما هُوَ أَعم مِنْهَا وَلَا يَصْخَبْ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ لَا يَصِيحُ فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ أَنِّي صَائِم اخْتلف هَل يُخَاطب بهَا للَّذي كَلَّمَهُ بِذَلِكَ أَوْ يَقُولُهَا فِي نَفْسِهِ وَبِالثَّانِي جَزَمَ الْمُتَوَلِّي وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنِ الْأَئِمَّةِ وَرَجَّحَ النَّوَوِيُّ الْأَوَّلَ فِي الْأَذْكَارِ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كُلٌّ مِنْهُمَا حَسَنٌ وَالْقَوْلُ بِاللِّسَانِ أَقْوَى فَلَو جَمعهمَا لَكَانَ حسنا قَوْله لأمر الصَّوْم فَعَادَ إِلَيَّ بِالْجَوَابِ الْأَوَّل تَعْظِيمًا لِأَمْرِهِ وَإِنَّهُ يَكْفِي وَالله تَعَالَى أعلم

الصفحة 163