كتاب حاشية السندي على سنن النسائي (اسم الجزء: 4)

الْأَحَادِيث تدل على افتراض صَوْم عَاشُورَاء من جُمْلَتهَا هَذَا الحَدِيث فَإِن هَذَا الاهتمام يَقْتَضِي الافتراض وعَلى هَذَا فَالْحَدِيث ظَاهر فِي جَوَاز الصَّوْم بنية من نَهَار فِي صَوْم الْفَرْض وَمَا قيل أَنه إمْسَاك لَا صَوْم مَرْدُود بِأَنَّهُ خلاف الظَّاهِر فَلَا يُصَار إِلَيْهِ بِلَا دَلِيل نعم قد قَامَ الدَّلِيل فِيمَن أكل قبل ذَلِك وَمَا قيل أَنه جَاءَ فِي أبي دَاوُد انهم أَتموا بَقِيَّة الْيَوْم وقضوه قُلْنَا هُوَ شَاهد صدق لنا عَلَيْكُم حَيْثُ خص الْقَضَاء بِمن أتم بَقِيَّة الْيَوْم لَا بِمن صَامَ تَمَامه فَعلم أَن من صَامَ تَمَامه بنية من نَهَار فقد جَازَ صَوْمه لَا يُقَال يَوْم عَاشُورَاء مَنْسُوخ فَلَا يَصح بِهِ اسْتِدْلَال لأَنا نقُول دلّ الحَدِيث على شَيْئَيْنِ أَحدهمَا وجوب صَوْم عَاشُورَاء وَالثَّانِي أَن الصَّوْم الْوَاجِب فِي يَوْم بِعَيْنِه يَصح بنية من نَهَار والمنسوخ هُوَ الأول وَلَا يلْزم من نسخه نسخ الثَّانِي وَلَا دَلِيل على نسخه أَيْضا بَقِي فِيهِ بحث وَهُوَ أَن الحَدِيث يَقْتَضِي أَن وجوب الصَّوْم عَلَيْهِم مَا كَانَ مَعْلُوما من اللَّيْل وَإِنَّمَا علم من النَّهَار وَحِينَئِذٍ صَار اعْتِبَار النِّيَّة من النَّهَار فِي حَقهم ضَرُورِيًّا كَمَا إِذا شهد الشُّهُود بالهلال يَوْم الشَّك فَلَا يلْزم جَوَاز الصَّوْم بنية من النَّهَار بِلَا ضَرُورَة وَهُوَ الْمَطْلُوب وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله
[2322] وَقد أهْدى إِلَى حيس هُوَ شَيْء يتَّخذ من تمر وَسمن وَغَيرهمَا فخبأت لَهُ مِنْهُ أَي أفردت لَهُ مِنْهُ حِصَّة وَتركته مَسْتُورا عَن أعين الأغيار أدنيه أَمر من الادناء أَي قربيه وَهَذَا يدل على جَوَاز الْفطر للصَّائِم تَطَوّعا بِلَا عذر وَعَلِيهِ كثير من محققي عُلَمَائِنَا لكِنهمْ أوجبوا الْقَضَاء كَمَا يدل عَلَيْهِ حَدِيث صوما يَوْمًا مَكَانَهُ وَهَذَا الحَدِيث وان كَانَ ظَاهره عدم الْقَضَاء لكنه لَيْسَ صَرِيحًا فِيهِ وَكَذَا حَدِيث أم هَانِئ لَا يدل على عدم الْقَضَاء

الصفحة 193