كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 4)

فأمرت هذه الأمة بتسكين الأطراف، والخشوع لربها في الظاهر للعامة، وفي الباطن للخاصة، فقال: {قد أفلح المؤمنون. الذين هم في صلاتهم خاشعون}.
فأهل الظاهر يحفظون لحظات العيون أن لا يلحظ هكذا وهكذا التفاتاً، وأهل الباطن قد جاوزوا هذا إلى الباطن، وأحكموا هذا، وسكنت جوارحهم، فهم يحفظون لحظات القلوب؛ لئلا تلحظ إلى أحد سواه، فتكون القلوب منهم منتصبة بين يدي الخالق كما انتصبت جوارحهم في الظاهر، وإنما وصلوا إلى ذلك بما ولجت قلوبهم من عظمة الله وجلاله، فهانت واستقرت في تلك الهيبة لله، فانتفى عنهم وسواس نفوسهم، ووسواس عدوهم.
ومن هاهنا أنب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل الوسوسة: ((فهكذا خرجت عظمة الله من قلوب بني إسرائيل حتى شهدت أبدانهم وغابت قلوبهم، لا يقبل الله صلاة امرئٍ لا يشهد منها قلبه ما يشهد بدنه)).

الصفحة 13