كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 4)
2 - والهم الآخر: همٌّ عارضٌ معه لله مشيئةٌ وتدبير في أموره، فربوبيته قاهرة لجميع ما عند هذا العبد من القوة والتأييد والجنود، وإذا هو مخذول، فصار همه عزماً.
فالأول مفروغ منه؛ لأنه عارضٌ لا يملكه، ولم يتكلفه، ولم يكن له فيه حركة في ظاهر ولا باطن، والهم الثاني تحرك فيه، وعزم عليه، وهو عقد القلب، فصار في ذلك في ميل عن الله، فالأنبياء والأولياء في انحطاط بهذا الهم، والعامة هم منحطون في الأصل عن هذه الدرجات، فانحطاطهم عن درجاتهم إذا استعملوا هذا العزم، وأخرجوه إلى الأركان، فعملت به جوارحهم.
ووجدنا ثلاثة أعلام في الأرض من الرسل بلوا بهذه الخطة من الهم: محمد، وداود، ويوسف -صلوات الله عليهم أجمعين-.
فأما يوسف عليه السلام:
فهم بها حتى روي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه حل هميانه، وقعد منها مقعد الرجال، فانفرج السقف، وتراءى له جبريل عليه السلام في صورة يعقوب -صلوات الله عليه- عاضاً على إصبعه، ونودي: يا يوسف! أتعمل عمل السفهاء، وأنت مكتوب في ديوان الأنبياء؟! فولى هارباً، ثم أوصله إليها