كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 4)
رآها، اضطرب، وامتلأ القدح من دموعه، فكان إذا رآها، بكى، حتى تنفذ سبعة أفرشة من الليف محشوة بالرماد، فإنما سألها بعد المغفرة، وبعد ضمان تبعة الخصم، وأن الله -تبارك اسمه- يستوهبه منه، وهو حبيبه ووليه وصفيه.
فرؤية نقش الخطيئة بصورتها مع هذه المرتبة صنعت به هكذا، فكيف كان يحل بأعداء الله وعصاته من خلقه وأهل جزائه أن لو عجلت لهم صحائفهم، فنظروا إلى صور تلك الخطايا التي عملوها على الكفر والجحود، وماذا يحل بهم إذا ما نظروا إلى ما في تلك الصحائف، وقد أخبر الله عنهم فقال: {فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها}؟!
فداود -صلوات الله عليه- مع المغفرة، والبشرى، والعطف لم يقم لرؤية صورتها في كفه، وقد روينا في الحديث: إذا رآها يوم القيامة منقوشة في كفه، قلق حتى يقال له: هاهنا، ثم يرى فيقلق، ثم يقال له: هاهنا، ثم يرى فيقلق حتى يقرب فيسكن.
وروي في حديث آخر: أنه يمكن له في الحجب، فإذا دخل الحجاب، سكن.
وأما محمد صلى الله عليه وسلم:
فإنه لما عاين زينب، فوقع في نفسه شأنها، وذلك أنه أبصرها قائمة