كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 4)

الأحول، عن الشعبي.
واعتبر بهذه الرأفة والرحمة التي وضعها الله في الآباء والأمهات، ثم تراهم كيف محل أولادهم منهم في حال البطالة والفساد؛ من الرحمة عليهم، والشفقة، والرفق بهم، والتأني والانتظار، والاحتراق عليهم فيما يخافون عليهم من الوبال، وفرحهم بالتوبة إذا هم تابوا إلى الله، فاعتبر بهذه الرأفة التي في جميع الأمهات والآباء، لو جمعها فوضعها في أم واحدة أو أب واحد لولد واحد، لكان لا يتراءى له فساد هذا الولد، وسيء عمله؛ من عظيم الشفقة عليه، والمحبة له، وكان ذلك ساتراً له، فكيف بالخالق البارئ الماجد الكريم البر الرحيم، الذي يدق جميع رأفة أهل الدنيا ورحمتهم في جنب رحمته من المئة المخلوقة؟ ثم ماذا تكون تلك في جنب الرحمة العظمى التي شملت كل خير للعبيد؟
فهذا العبد المؤمن له كل هذا الحظ، فإذا تاب، صار في كنفه، وهو في الأصل حبيبه، فتدق ذنوبه في جنب ما له عنده من الرأفة والرحمة.
وإن الله تعالى لما وقعت خيرته وحبابته على عبد من عبيده، أخرجه من بطن أمه إلى الدنيا، فأدركته الهداية بما سلفت منه من الجناية، وكتب

الصفحة 435