كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 4)

وذلك أن الذي يعلوه الحياء من ربه يلجأ إلى ذلك؛ لأن الحياء في العين والفم، وهما من الرأس، والحياء من عمل الروح، وسلطان الروح في الرأس، ثم هو منفس في جميع الجسد.
ألا ترى أنه قال: {فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنانٍ}، فالضرب على الرأس قتل وحييٌّ.
وروي في الخبر: أن من أخلاق النبيين التقنع.
فهذا من الحياء، وكذلك أهل اليقين من بعدهم، وهم الأولياء، هذا دأبهم وشأنهم، والحياء من الناس من أفعال يحتشم الروح منها بين أيديهم، والحياء من الله من أفعال تحتشم الروح منها بين يدي الله؛ لأنه قد شارك النفس في معايبها مضطراً؛ لأنه قد قرن بها.
وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: إني لأدخل الخلاء فأقنع رأسي حياءً من الله.
فهذا لأهل اليقين؛ لأنهم أبصروا بقلوبهم أن الله يراهم، فصارت الأمور كلها لهم معاينة، يعبدونه كأنهم يرونه، ففي الأعمال التي فيها حشمة يعلوهم الحياء، وفي الأعمال التي ينحط بها عند الله يعلوهم

الصفحة 438