كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 4)

ترى الرجل في صباه علم هذا، فنشأ عليه، وعلم أنه خير، فثبت عليه معتاداً له قد ألفه، ويسير عليه.
فالرجل يساعد آخر يعمل له، فإذا كان العقل يدله على هذه العبادة الظاهرة، كان علامته أن يتورع عن مساخط الله، ولم يجوز لنفسه أن يترضاه بأعمال مع تضييع فرائضه، أو التوثب في مساخطه، فكان العاقل عندهم الذي عقل عن الله ما أمره ونهاه، فائتمر بما أمره، وازدجر عما نهاه، فتلك علامة العقل.
فإذا رئي أحدهم يتعبد، وهذا فيه، علم أنه من عقل يتعبد، وعن بصيرة، وإذا رئي في خلو من هذا، علم أنه عن عادة ومساعدة، فلم تحسن ظنونهم به، ولذلك قال: ((لا يعجبكم إسلام رجلٍ حتى تعلموا ما عقدة عقله)).
فالإسلام: هو ما ظهر من أعمال العباد من أعمال الشريعة؛ مثل: الصوم، والصلاة، والحج، والجهاد، والصدقة، وسائر أنواع البر، فلا يعجبكم هذا منه حتى تعلموا أي شيء يعتقد في قلبه لما يعمل به.
وعقد العقل: هو وثاق العقل، معناه: أن يقول: ما هو؟ أي: كيف هو؟ لأن كلمة ((ما)) تقع على الجوهر والجنس.
فقال: ((حتى تعلموا ما عقدة عقله))؛ يعني: بأي شيء يعقد عقله؟ فإن العقل قسم للعبد، فأعطي عبد، فعقده بالإيمان بالله، فرشد، وآخر

الصفحة 446