كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 4)

شبه الباكي، فلقيه يحيى، فبش في وجهه، وتبسم، وسلم عليه، فقال له عيسى: إنك تبسم تبسم رجل، وتضحك كأنك آمنٌ، فقال له يحيى: إنك لتعبس تعبس رجلٍ، وتبكي كأنك آيسٌ، فأوحى الله إلى عيسى عليه السلام: إن أحبكما إلي أكثركما تبسماً.
فأما الصفاح: فهو الأخذ باليد، وهو كالبيعة؛ لأن من شرط الإيمان والإسلام الأخوة أن يكون كل واحد منهما أحبه صاحبه.
وقال تعالى: {إنما المؤمنون إخوةٌ}، وقال: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعضٍ}.
فهذا شرط الله فيما بينهم الأخوة والولاية، وإذا لقيه، فإنما يريد بمصافحته كأنه يبايعه على هاتين الخصلتين، ففي كل مرة يلقاه يجدد بيعته، فيجدد الله له ثوابها، كما يجد المصاب الاسترجاع، فيجدد له ثواب المصيبة، وكما يجدد صاحب النعمة الحمد، فيجدد له ثواب شكرها؛ لأنه إذا فارقه بعد ما صافحه، لم يخل من دخول خلل الأحداث

الصفحة 487