كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 4)
ابن بكارٍ الحمصي، قال: حدثنا علي بن عياشٍ، عن محمد ابن زيادٍ، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله -تبارك وتعالى- للرحم: خلقتك بيدي، وشققت لك من اسمي، وقربت مكانك مني، وعزتي وجلالي! لأصلن من وصلك، ولأقطعن من قطعك، ولا أرضى حتى ترضين.
فخلق الله الرأفة والرحمة يرأف ويرحم بهما عباده، والرأفة (غالبة على الرحمة، ولها سلطان، إذا تحرك، علا كل شيء، وغلب، وبدو الرأفة من رأفته)، وبدو رأفته من فضله، والفضل من جماله، فكأنه دل على أن هذه الرأفة التي خلقها هي الرحم التي بها يترأفون ويتعاطفون، كما خلق الرحمة التي بها يتراحمون، فقامت هذه الرأفة تناشد ربها، فقربها من رأفته، وبين بدو مكانها من أين بدأ، ثم جعلها كالشجنة قد برزت إلى ما دون العرش، ولما قربها، جعل لها السبيل إلى الحقو في القربة، فشق لها اسماً من اسمه الرحمن، ثم جعل لها سلطاناً ممدوداً من الحقو كالشجنة إلى ما تحت العرش، واستعاذت هناك حيث أشار من مقامها من القطيعة، فقال: لأصلن من وصلك؛ أي: أصل وأصلك بهذه الرأفة مني، وأقطع من هذه الرأفة من