كتاب الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (اسم الجزء: 4)

أَربع وَأَرْبَعين ثمَّ انْفَصل عَنْهَا حِين خدع بِطَلَبِهِ الاستعفاء وَأخرج إِلَى الْبِلَاد الشامية وتنقل فِي نِيَابَة ملطية ثمَّ أتابكية حلب ثمَّ مقدما بِدِمَشْق، وسافر أَمِير الركب الشَّامي ورام الْقَبْض على بعض قطاع الطَّرِيق فَاسْتَجَارَ بِأحد أَبْوَاب الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة فَأَرَادَ أَن يحرقه بل يُقَال أَنه أوقد بِهِ النَّار فَلَمَّا بلغ ذَلِك السُّلْطَان قبض عَلَيْهِ وحبسه بقلعة دمشق بل كتب الزين الاستادار لتخوفه من عوده إِلَى الْوَظِيفَة محضرا بِكُفْرِهِ وَمَا بلغ قَصده بل دَامَ فِي الْحَبْس مُدَّة ثمَّ أطلق وَاسْتمرّ حَتَّى مَاتَ فِي أَوَاخِر سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ أَو أَوَائِل الَّتِي تَلِيهَا، وَكَانَ رَئِيسا مُعظما فِي الدول ذَا ذوق ومحاضرة فِي الْجُمْلَة وَمَعْرِفَة بتأدية الموسيقى.
39 - طوغان أميرآخور /، كَانَ فِي ابْتِدَائه مكاريا للبغال عِنْد طولون نَائِب صفد الْآتِي قَرِيبا فتنقل إِلَى أَن صَار جنديا وَركب فرسا واتصل بِخِدْمَة الْمُؤَيد وَهُوَ أَمِير فَلَمَّا تسلطن قربه وأنعم عَلَيْهِ بامرة عشرَة ثمَّ ولاه نِيَابَة صفد ثمَّ حجوبية الْحجاب بِدِمَشْق ثمَّ قدمه بالديار المصرية ثمَّ رقاه إِلَى الآخورية الْكُبْرَى وَعظم وضخم ثمَّ كَانَ مِمَّن جرده إِلَى الْبِلَاد الحلبية صُحْبَة الأتابك الطنبغا القرمشي فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَلم يلبث أَن مَاتَ الْمُؤَيد فَأخْرج ططر مُدبر وَلَده أقطاعه ووظيفته ثمَّ نَفَاهُ إِلَى طرابلس إِلَى أَن أنعم عَلَيْهِ الْأَشْرَف فِيهَا بامرة عشرَة ثمَّ تغيظ عَلَيْهِ وحبسه بالمرقب إِلَى أَن قتل فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَعشْرين، وَكَانَ من المهملين الَّذِي قدمهم الْمُؤَيد ليجد بهم رَاحَة من ألم رجلَيْهِ وعجزه عَن الْحَرَكَة.
40 - طوغان الحسني الظَّاهِرِيّ برقوق الدوادار وَكَانَ يعرف بالمجنون. / مِمَّن رقاه النَّاصِر ابْنه حَتَّى عمله مقدما ثمَّ دوادارا كَبِيرا وباشرها بِحرْمَة وعظمة إِلَى أَن خامر مَعَ جمَاعَة كَانَ النَّاصِر قدمهم أَمَامه إِلَى الْبِلَاد الشامية جاليسا وانتموا لشيخ ونوروز وَاسْتقر بِهِ شيخ حِين نظاميته فِي الدوادارية فَلَمَّا تسلطن اسْتمرّ بِهِ فِيهَا وتزايدت عَظمته جدا ثمَّ ركب هُوَ ومماليك على السُّلْطَان وانتظر من كَانَ تواعد مَعَه فَلم يجئه أحد فاختفى ثمَّ وجد بِمصْر الْقَدِيمَة فَحمل إِلَى القلعة ثمَّ أرسل بِهِ إِلَى اسكندرية فسجن فِيهَا حَتَّى قتل فِي الْمحرم سنة ثَمَان عشرَة وَخلف أَمْوَالًا جمة، وَكَانَ شجاعا مقداما أهوج مُسْرِفًا على نَفسه متجاهرا مَعَ ظلم وعسف، وَقَالَ الْعَيْنِيّ أَنه كَانَ جميل الصُّورَة طَويلا عريضا محتشما يُرَاعِي الْعلمَاء ويعتقدهم متعصبا مَعَ من)
يلوذ بِهِ، وَلكنه كَانَ مشتغلا بالشرب والمغاني أَيَّام النَّاصِر ثمَّ قصر عَن ذَلِك فَصَارَ يسمع من الْعُلُوم ويجالس الْعلمَاء، وَهُوَ وَالِد الناصري مُحَمَّد الْآتِي وَصَاحب الْمدرسَة بِرَأْس حارة برجوان من الشَّارِع وَبهَا ضريح وسبيل وَالرّبع وَالدَّار

الصفحة 11