كتاب الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (اسم الجزء: 4)
عَن الشيخونية بالصدر بن العجمي وَاسْتمرّ قَاضِيا إِلَى أَن مرض وَطَالَ مَرضه فصرف حِينَئِذٍ بالعيني فِي جُمَادَى الثَّانِيَة وَلم يلبث أَن مَاتَ بعد أَن رغب لوَلَده شمس الدّين)
مُحَمَّد عَن تدريس الصرغتمشية فِي شَوَّال سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَصلى عَلَيْهِ بمصلى الْمُؤمنِينَ وَدفن بتربة صهره الْمحلي بِالْقربِ من تربة يشبك الناصري من القرافة وَيُقَال أَن أم وَلَده دست عَلَيْهِ سما لِأَنَّهَا كَانَت ظنت انفرادها بِهِ بعد موت زَوجته فَمَا اتّفق بل تزوج امْرَأَة أُخْرَى وَأخرج الْأمة فَحصل لَهَا غيرَة فَالله أعلم. وَأوصى بِخَمْسَة آلَاف دِرْهَم لمِائَة فَقير يذكرُونَ الله أَمَام جنَازَته وَسَبْعَة آلَاف دِرْهَم لكفنه وجنازه وَدَفنه وَقِرَاءَة ختمات، قَالَ شَيخنَا فِي أنبائه وَكَانَ حسن الْعشْرَة كثير العصبية لأَصْحَابه عَارِفًا بِأُمُور الدُّنْيَا وبمخالطة أَهلهَا على أَنه يَقع مِنْهُ فِي بعض الْأُمُور لجاج شَدِيد يعاب بِهِ وَلَا يَسْتَطِيع أَن يتْركهُ قَالَ وَكَانَ قد انْتَهَت إِلَيْهِ رياسة أهل مذْهبه، وَنَحْوه قَوْله فِي حوادثه أَنه كتب عَليّ الفتاوي فأجاد وَكَانَ حسن الْأَخْلَاق كثير الِاحْتِمَال شَدِيد السطوة إِذا غضب لَا يُطَاق وَإِذا رضى لَا يكَاد يُوجد لَهُ نَظِير، وَقَالَ فِي مُعْجَمه سَمِعت من نظمه وَقَالَ فِي رفع الاصر أَنه سَار فِي الْقَضَاء سيرة محمودة وخالق النَّاس بِخلق حسن مَعَ الصيانة والافضال والشهامة والاكباب على الْعلم وَلما تكلم ططر فِي المملكة بعد الْمُؤَيد كَانَ من أخص النَّاس بِهِ وسافر مَعَه إِلَى الشَّام بل اسْتمرّ إِلَى حلب مَعَ تخلف القَاضِي جلال الدّين البُلْقِينِيّ بِالشَّام وَلذَا ذكره ابْن خطيب الناصرية فِي تاريخها وَقَالَ إِنَّه كَانَ مُعظما عِنْد الظَّاهِر وَاجْتمعت بِهِ فَوَجَدته عَالما دينا منصفا فِي الْبَحْث محققا للفقه وَالْأُصُول كيس الاخلاق، وَقَالَ التقي المقريزي انه حلف مرّة انه لم يرتش قطّ فِي الحكم وَلَا قبل لأحد شَيْئا وَلم يتْرك فِي الْحَنَفِيَّة مثله، وَقَالَ فِي عقوده نَحوه وانه كَانَ حشما مهابا مشكور السِّيرَة لَهُ افضال وَفِيه مُرُوءَة وَهُوَ خير من غَيره من قُضَاة الْحَنَفِيَّة وَله نظم وَقَالَ مرّة كَانَ بارعا فِي الْفِقْه وأصوله والعربية حسن السِّيرَة فِي الْقَضَاء بَاشرهُ على أحسن الْوُجُوه، وَقَالَ الشهَاب بن المحمرة كَانَ يعي مَا يخرج من رَأسه، وَقَالَ ابْن قَاضِي شُهْبَة قَالَ لي السَّيِّد الرُّكْن بن زِمَام إِنَّه لما قدم دمشق سَأَلَني من أعلم أَنا أَو الشَّمْس بن الديري قَالَ فامتنعت فألح عَليّ فَقلت الديري أحفظ مِنْك وَأَنت أَكثر تَحْقِيقا مِنْهُ قَالَ فأعجبه ذَلِك وَرَضي بِهِ مني، وَقَالَ التقي بن قَاضِي شُهْبَة أَنه عزل بِسَبَب تصميمه فِي الْحق وَعدم التفاته إِلَى الظلمَة وَكَانَ قد كتب عَليّ فَتْوَى تتَعَلَّق بِابْن تَيْمِية ونال فِيهَا من الْعَلَاء البُخَارِيّ لشَيْء كَانَ بَينهمَا. قلت وجلالته مستفيضة وَقد أَخذ عَنهُ الجم الْغَفِير من شُيُوخنَا فَمن دونهم
الصفحة 99