كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 4)

عليه؛ لما وقع في بعض طرق هذا الحديث أعني: تقديمَ الحِلاق (¬1) على الرمي.
قال الإمام المازري: ومحملُ هذا عندنا على نفي الإثم، لا الفدية، وحمله المخالف عليهما جميعًا، وهكذا حمل (¬2) ابن الماجشون -أيضًا- قوله -عليه الصلاة والسلام- في الحلق قبل النحر: "انْحَرْ وَلا حَرَجَ" على نفي الإثمِ، لا الفدية، لأنه يرى أن مَنْ حلقَ قبل الذبح فقد أخطأ، وعليه الفدية؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196]، والمشهور عندنا: لا فدية عليه، ويحمل قوله -عليه الصلاة والسلام-: "وَلَا حَرَجَ" على نفي الإثمِ والفديةِ جميعًا، ويُحمل قولُهُ تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] على وصوله إلى منى، لا نحره (¬3).
قلت: ومنشأ هذا الخلاف -أعني: وجوبَ الفدية في تقديم الحلق على الرمي، وعدمَ وجوبها- ينبني على الخلاف في مسألة، وهي: أن الحلق نسك، أو (¬4) استباحة محظور؟ فإن قلنا: إنه نُسُك، جاز تقديمُه على الرمي؛ لكونه من أسباب التحلل، وإلا، لم يجز؛ لما تقدم من
¬__________
(¬1) في "ت": "الخلاف".
(¬2) "حمل" ليس في "ت".
(¬3) انظر: "المعلم" للمازري (2/ 99)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (4/ 387).
(¬4) في "ت": "و".

الصفحة 115