كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 4)

* ثم الكلام على الحديث من وجوه:
الأول: قوله: "الجمرةَ الكبرى" يريد: جمرة العقبة.
قالوا: وهي حدُّ مِنَى من الغرب، وليست من مِنَى، وهي التي بايع النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الأنصارَ عندها على الإسلام والهجرة.
وانظر: لم سميت جمرةً هي وأختاها؟ وكأن ذلك -واللَّه أعلم- من حيث كانت تُرمى بالجمار، وهي الحصى، فكأنه من باب تسمية الشيء بلازمه؛ كالغائط، والراوِيَة، ويحتمل أن يكون لغير ذلك، واللَّه أعلم.
ع: وأجمع العلماء أن سُنَّةَ الحاجِّ أن يرمي جمرةَ العقبة يوم النحر، ثم يحلق بمنًى، ثم يطوف طواف الإفاضة (¬1).
قلت: واختلفوا في وجوبها وسُنِّيتها، فمشهورُ مذهبنا: أنها سُنَّةُ، والشاذُّ: أنها واجبة، وهو قولُ عبد الملك بنِ الماجشون من أصحابنا.
وحكى الطبري عن بعض الناس: أن الجمار إنما تُعمل حفظًا للتكبير، ولو ترك الرمي تاركٌ، وكَبَّرَ، أجزأه، ونحوه عن عائشة رضي اللَّه عنها (¬2).
فائدة: جمرةُ العقبةِ تختصُّ عن غيرها بأربعةِ أشياء:
إحداها: أنها تُرمى قبل الزوال، ضحًى.
والثاني: أنها تُرمى من أسفلها استحبابًا، ويجزىء من أعلاها،
¬__________
(¬1) انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (4/ 389).
(¬2) المرجع السابق، (4/ 371).

الصفحة 121