كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 4)
* ثم الكلام على الحديث من وجوه:
الأول: قوله: "حمارًا وحشيًا" ظاهرُه: إهداؤه بجملته (¬1) حَيًّا وعليه يدل تبويبُ البخاري، وقد قيل: إنه تأويلُ مالك رحمه اللَّه، وعلى مقتضاه يستدلُّ (¬2) بالحديث على منعِ وضعِ المحرمِ يدَه على الصيد بطريق التملُّكِ بالهدية، ويقاس عليها ما في معناها من البَيعْ والهِبَة.
ق: ورُدَّ هذا التأويلُ بالروايات التي ذكرها المصنف عن مسلم، من قوله: عجز حمار، أو شق حمار، أو رجل حمار، فإنها قويةُ الدلالة على كون المُهْدَى بعضًا، فيحمل قوله: حمارًا وحشيًا على المجاز، وتسميةِ البعضِ باسم الكلِّ، أو فيه حذفُ مضافٍ، ولا يبقى فيه دلالةٌ على ما ذُكر من تملُّكِ الصيد بالهبة (¬3).
قلت: وفي بعض الروايات -أيضًا-: "عَجُزَ حِمَارٍ يَقْطُرُ دَمًا" (¬4)، وفي بعضها -أيضًا- "لَحْمَ حِمَارٍ" (¬5)؛ ولكن نقل ح في "شرح المهذب":
¬__________
= (1/ 237)، و"تهذيب الكمال" للمزي (13/ 166)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (3/ 426).
(¬1) في "ت": "أهداه بحمله".
(¬2) في "ح": "نستدل".
(¬3) في "خ" و"ت": "بالفدية"، والصواب ما أثبت. وانظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 95).
(¬4) هي رواية مسلم المتقدمة في صدر الحديث برقم (1194/ 45) عنده.
(¬5) تقدم تخريجه عند مسلم برقم (1193/ 52).