كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 4)

فيه: حُسْنُ الاقتداء، وشدةُ المتابعة، وإن لم يعلم (¬1) العلَّة، ومثلُه ما تقدم (¬2) من إدارة ابنِ عمرَ راحلَته في مكانٍ أدارَ فيه -عليه الصلاة والسلام- راحلَتَه، ولم يذكر مُسْتَنَدًا في ذلك سوى الاقتداء حين سُئل عن ذلك، هذا وإن كان قد علم في الجملة أن تقبيلَ الحجرِ الأسودِ إكرامٌ له، وإعظامٌ لحقه، وتبرُّكٌ به.
وقد قيل: إن اللَّه عز وجل لما أَخَذَ على بني آدمَ الميثاقَ وهُمْ كالذَّرِّ في صُلْب آدمَ -عليه الصلاة والسلام-، كتبَ ذلكَ في رَقٍّ، ثم دعا هذا الحجرَ، فألقمَه إياه، فهو يشهدُ (¬3) لمن وافاهُ إلى يومِ القيامةِ.
قال الخطابي: وقد فَضَّلَ اللَّهُ بعضَ الأحجارِ على بعضٍ؛ كما فَضَّلَ بعضَ البِقَاعِ (¬4) والبلدانِ، وكما فَضَّلَ بعضَ الليالي والأيامِ والشهورِ، وبابُ هذا كله التسليمُ، وهو أمرٌ سَائِغٌ (¬5) في العقول، جائزٌ فيها غيرُ ممتنع ولا مستَنْكَر، وقد رُوي في بعض الأحاديث: "إِنَّ الحَجَرَ الأَسْوَدَ يَمِينُ اللَّهِ في الأَرْضِ" (¬6)، فالمعنى: أَنَّ مَنْ صافَحَه في الأرض، كان
¬__________
= اللثام" للسفاريني (4/ 241)، و"سبل السلام" للصنعاني (2/ 205)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (5/ 113).
(¬1) في "ت" و"ز": "تعلم".
(¬2) في "ز": "يقدم".
(¬3) في "ز": "يشفع".
(¬4) في "ت" زيادة: "على بعض".
(¬5) في "ز": "شائع".
(¬6) رواه ابن الجوزي في "مثير العزم الساكن" (ص: 147)، والأزرقي في "أخبار مكة" (1/ 325).

الصفحة 16