كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 4)

يظهر (¬1) الآن كثيرٌ من الأعمال التي وقعت في الحج، ويقال فيها: إنها تعبُّد؛ كما قيل: ألا ترى أنا إذا فعلناها، وتذكَّرنا أسبابها، حصلَ لنا من ذلك تعظيمُ الأولين، وما كانوا عليه من احتمال المشاقِّ في امتثال أمر اللَّه تعالى، وكان (¬2) هذا التذكُّر باعثًا على مثلِ ذلك، ومقرِّرًا في أنفسنا تعظيمَ الأولين، وذلك (¬3) معنًى معقول.
مثالهُ: السعيُ بين الصفا والمروة، إذا فعلناه وتذكَّرْنا أن سببَه قصةُ هاجرَ مع ابنها، وتركُ (¬4) الخليلِ عليه السلام لهما في ذلك المكان الموحشِ منفردَيْن مُنقطِعَي (¬5) أسبابِ الحياة بالكلية، مع ما أظهره اللَّه تعالى من الكرامة والآية في (¬6) إخراج الماء لهما، كان في ذلك مصالحُ عظيمةٌ؛ أي: في التذكر لذلك الحال (¬7).
وكذا رميُ الجِمار، إذا فعلناه، فتذكرنا (¬8) أن سببه رميُ إبليسَ بالجمار في هذه المواضع عندَ إرادةِ الخليلِ ذبحَ ولده، حصلَ من ذلك
¬__________
(¬1) في "ز": "تظهر".
(¬2) في "ز": "فكان".
(¬3) في "ز": "في".
(¬4) في "ت": "تردد".
(¬5) في "ت": "منقطعين".
(¬6) في "ت": "من".
(¬7) في "ت": "كالحال".
(¬8) في "ت: "وتذكرنا".

الصفحة 20