كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 4)

على خلافه، وإنما لم يَرْمُلوا فيما بين الركنين؛ لأن المشركين لا يرونهم في هذا المكان؛ إذ العلةُ إنما كانت حينئذ إظهارَ الجَلَد، وإنكاءَ (¬1) المشركين (¬2)، ومناقضتَهم (¬3) بذلك، حيث قالوا عن الصحابة: وَهَنَتْهُم حُمَّى يثربَ؛ أي: أضعفَتْهم، يقال: وَهَنَ الإنسانُ، وَوَهَنَهُ غيرُه، يتعدَّى ولا يتعدَّى، ويقال -أيضًا-: وَهِن -بالكسر-، وَأَوْهَنَتْه، وَوَهَّنَتْه تَوْهينًا.
ولتعلمْ: أن الرملَ مستحبٌّ، ولا شيء على مَنْ تركه جَهْلًا أو عمدًا. ونقل الخطابي عن سفيان الثوري: أنه يراه سنةً مؤكَّدَةً، ويوجب بتركه دمًا (¬4).
قلت: وقد نُقل ذلك عن مالك.
قال الأبهري: لأنه ترك شيئًا مستحبًا، وذلك أحوطُ (¬5)، ثم رجعَ فقالَ: لا دم عليه.
قال الأبهري -أيضًا-: لأن ذلك هيئةُ العمل (¬6)، فإذا تركه الإنسان،
¬__________
(¬1) في "ز": "وإنهاء".
(¬2) في "ت": "للمشركين".
(¬3) في "ز": "ومنافقتهم".
(¬4) انظر: "معالم السنن" للخطابي (2/ 194).
(¬5) في "ت": "أحرى".
(¬6) في "ز": "للعمل".

الصفحة 22