كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 4)

وطريقُ الجمع بينها (¬1): أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان أولًا مفردًا، ثم صار قارنًا، كما تقدم، فمن روى الإفراد، فهو الأصل، ومن روى القِرَان، اعتمد آخرَ الأمر (¬2)، ومن روى التمتُّعَ، أراد: التمتع اللغوي، وهو الانتفاع والارتفاق، وقد ارتفق بالقِران كارتفاقِ المتمتع وزيادة، وهي (¬3) الاقتصار على فعل واحد، وبهذا الجمع تنتظم الأحاديث، واللَّه أعلم.
سؤال وهمي: قال القاضي أبو بكر بن (¬4) العربي في "قبسه": فإن قيل -وهو سؤال وجهه المُلحِدَةُ، واعترض به الطاعنون على الشريعة، قالوا-: كيف يثقون بالرواية، وهذا رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في حجة واحدة (¬5) قد اجتمع (¬6) أصحابُه حولَه، وحدَّقوا إليه، وتشوَّفوا نحوه، يقتدون به، ويعملون بعمله، لم تنتظم (¬7) روايتُهم، ولا انضبطَ بقولهم ما كان النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عليه، فهذا (¬8) حالهم فيما قصدوا إليه بالتحصيل، فكيف يكون فيما جاء عرضًا (¬9)؟
¬__________
(¬1) في "ت": "بينهما".
(¬2) في "ز": "اعتمد على آخر الأمرين".
(¬3) في "ز": "وهو".
(¬4) "بن" زيادة من "ت" و"ز".
(¬5) "في حجة واحدة" ليس في "ت".
(¬6) في "ز": "اجتمعت".
(¬7) في "خ": "تنظم".
(¬8) في "ز": "فهذه".
(¬9) انظر: "القبس" لابن العربي (10/ 206).

الصفحة 39