كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 4)

الْهَدْيِ} [البقرة: 196]، [وقد تقدم الكلام على صفة المتعة، وبيان شروطها الستة، وتقدم أيضًا الكلام على قوله تعالى: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}] (¬1).
ق: وفي الحديث إشارةٌ إلى جواز نسخ القرآن بالسنة؛ لأن قوله: "ولم يَنْهَ عنها" نفيٌ منه لما يقتضي رفع الحكم بالجواز الثابتِ بالقرآن، فلو لم يكن هذا الرفعُ ممكنًا، لما احتاج إلى قوله: "وَلَمْ يَنْهَ عَنْها"، ومرادُه بنفي نسخ القرآن: الجوازُ، وبنفي (¬2) ورود السنة بالنهي: تَقَرُّرُ الحكمِ ودوامُه؛ إذ لا طريقَ لرفعه إلا أحدُ هذين الأمرين.
وقد يؤخذ منه: أن الإجماع لا يُنسخ به؛ إذ لو نُسخ به، لقال: ولم يُتفق على المنع؛ لأن الاتفاق حينئذ يكون سببًا لرفع الحكم، فكان يحتاج إلى نفيه؛ كما نفى نزولَ القرآنِ بالنسخ، وورود السُّنَّةِ بالنهي (¬3).
والرجلُ المشارُ إليه هنا هو عمرُ -رضي اللَّه عنه-؛ كما ذكره المصنف عن البخاري.
وهذا الحديث يدلُّ لقولِ مَنْ قال: إِن المرادَ بالمتعة التي نهى عنها عمرُ -رضي اللَّه عنه-: متعةُ الحج، لا فسخ الحجِّ إلى العمرةِ، ويُبطل -أيضًا- قولَ من قال: إن (¬4) المرادُ بها: متعةُ النساءِ؛ إذ لم ينزل قرآنٌ بجواز
¬__________
(¬1) ما بين معكوفتين زيادة من "ت".
(¬2) في "ت": "ونفي".
(¬3) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 58).
(¬4) "إن" زيادة من "ت".

الصفحة 60