كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 4)

عندنا؛ لأنه لو اقتصرَ في المهر على ذلك، لجاز.
وقد خرَّج العقيليُّ عن ابن عباس: أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: "مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، فَلَا يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى يُعْطِيَهَا شَيْئًا" (¬1).
قال ابن شهاب: وذلك مما عمل به المسلمون، ورأوه حسنًا.
قال الأبهري: ولأن المهر نِحْلَةُ (¬2) البُضْع، فاستحبَّ أن يقدم ما يحلُّ به البضعُ، قال تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4].
قال العُزَيرِي: هبةً (¬3)؛ يعني: أن المهر هبة من اللَّه -تعالى- للنساء، وفريضة عليكم، ويقال: نحلة: ديانة (¬4)، وقال تعالى: {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ} [القصص: 29]، فقدَّم الصداق قبلَ البناءِ بأهله، ولهذا استحبَّ تقديم (¬5) جميعِ الصداق (¬6)، أو ما يُستحلُّ به الفرجُ، واللَّه أعلم.
فإن لم يفعل، جاز.
وقد تعلق (¬7) بهذا الحديث مَنْ أجازَ النكاح بأقلَّ من ربع
¬__________
(¬1) رواه العقيلي في "الضعفاء" (3/ 340).
(¬2) في "ز": "يحله به"، وفي "ت": "علته".
(¬3) "هبة" ليس في "ز".
(¬4) انظر: "غريب القرآن" لأبي بكر العزيري (ص: 477).
(¬5) في "ت": "تقدم".
(¬6) في "ت" زيادة: "ولا يحل".
(¬7) في "ت": "يتعلق".

الصفحة 655