كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 4)

وفيه: حجة لأحد قولي مالك: أنه إذا احتاج إليها، فركب واستراح، نزل.
قال إسماعيل القاضي: وهو الذي يدل على مذهب مالك.
وهذا خلاف ما ذكره ابن القاسم من (¬1) أنه لا يلزمه النزولُ، وحجته إباحةُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- له الركوبَ، فجازَ له استصحابُه (¬2).
وقال أبو حنيفة، والشافعيُّ: إن نَقَصَها هذا الركوبُ المباحُ له، فعليه قيمةُ ذلك، ويتصدَّقُ به (¬3).
وقد تقدم الكلام على لفظةِ (ويل) مستوعَبًا في حديث: "وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ" (¬4).
وبالجملة: فإنها كلمة تُستعمل عندَ إِرادةِ التغليظِ على المخاطَبِ، فيجوزُ أن يكون ذلك تأديبًا له، لمراجعته النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في فتواه، فيؤخذ منه تأديبُ العالم المتعلِّمَ.
ع: وعلى رواية: تقديمُ (ويلك)، يريد: أنه جاء في رواية: "وَيْلَكَ ارْكَبْهَا" (¬5) لا يكون من باب الإغلاظ لأجل التأديب، وهو لفظ يُستعمل
¬__________
(¬1) "من" زيادة من "ت".
(¬2) في "ت": "استحبابه" بدل "له استصحابه".
(¬3) انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (4/ 410).
(¬4) تقدم تخريجه.
(¬5) هي رواية مسلم المتقدم تخريجها في حديث الباب.

الصفحة 73