كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 4)

* الشرح:
اشتمل هذا الحديث على فوائد:
منها: ما تقدم من جواز استحباب سَوْق البُدْنِ من المكان البعيد.
ومنها: جوازُ الاستنابة في نحر الهدايا، والقيامِ عليها، وتفرقَتِها.
ومنها: أن حكم الجلود حكمُ اللحم في التصدُّق بها.
ومنها: منعُ إعطاء الجزار شيئًا من لحمها، أو جلدها، لا عوضًا، ولا تبرُّعًا؛ لأن ذلك بيعٌ، أو كالبيع، أما كونُه بمعاوَضَة، فبيعٌ بلا إشكال، وهو ممتنعٌ، وأما كونُه تبرعًا، فإنه وإن كان القياس جوازَه؛ لكنَّ القياسَ مع وجود النص باطلٌ، فإنه -عليه الصلاة والسلام- قال: "نحنُ نُعطيه منْ عندِنا"، وأطلقَ (¬1) المنعَ من إعطائه البتةَ، ولم يُقيده بالمعاوضة.
وسر (¬2) ذلك -واللَّه أعلم-: أنه ربما تسامح في الأجرة إذا علم أو ظنَّ أنه يُعطى من اللحم، فيرجع ذلك إلى المعاوضة معنًى، لاسيما إذا قلنا بسدِّ الذرائع، هذا (¬3) مذهبنا، ومذهبُ الجمهور.
¬__________
= القاري" للعيني (15/ 52)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 226)، و"كشف اللثام" للسفاريني (4/ 335)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (5/ 220).
(¬1) في "ت": "وأطلقوا".
(¬2) في "ت": "ولعل".
(¬3) في "ت": "وهذا".

الصفحة 77