كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 4)

أمرهم [بذلك] لمخالفة (¬1) ما كانت (¬2) عليه الجاهلية؛ من أنها لا تَستبيح العمرةَ في أشهر الحج، ويقولون: إذا بَرَأَ الدَّبَر، وعَفَا الأَثَر، وانْسَلَخَ صَفَر، حَلَّتِ العُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرَ (¬3)؛ أي: برىء الدَّبَر الذي في ظهر الإبل عندَ انصرافها من الحجِّ من كثرة السير عليها، وعفا الأثر معناه: امَّحَى ودَرَسَ (¬4)، ويكون عفا -أيضًا- بمعنى: كَثُرَ، قال اللَّه تعالى: {حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا} [الأعراف: 95]؛ أي: كَثُروا، وهو من الأضداد، ويروى: عَفَا الوَبَر.
وقال بعض (¬5) أصحاب الظاهر: ذلك جائزٌ إلى الآن، واحتجوا بقوله -عليه الصلاة والسلام- لسراقَةَ: "بَلْ لِلأَبَدِ (¬6) " (¬7).
ويحتمل عندنا أن يريد بقوله -عليه الصلاة والسلام-: "بَلْ لأَبَد (¬8) ": الاعتمارَ في أشهر الحج، لا فسخَ الحجِّ في العُمرة.
¬__________
(¬1) في "ت": "بمخالفة".
(¬2) في "ت": "ما كان".
(¬3) سيأتي تخريجه في الحديث الثالث من هذا الباب عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-.
(¬4) "امحى ودرس" ليس في "ت".
(¬5) "بعض" ليس في "ت".
(¬6) في "خ": "بل لأبد الأبد".
(¬7) رواه البخاري (1693)، كتاب: العمرة، باب: عمرة التنعيم، من حديث جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما-.
(¬8) في "خ": "بل لأبد".

الصفحة 96