كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 4)

نحمل ذلك على [صلاة] خسوف القمر [؛ لأن أصحابنا قالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصل صلاة خسوف القمر]، كما حكاه القاضي الحسين.
قيل: جوابه من أوجه:
أحدها: أن الرواية اختلفت عنها: فروى عنها هشام بن عروة عن أبيه عنها أنها قالت: "حزرت قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم الأول بقدر سورة البقرة، والثاني بقدر "آل عمران"، والثالث بقدر سورة "النساء"، والرابع بقدر سورة "المائدة".
فقولها: "حزرت"، يدل على أنه لم يجهر، فإما أن يتساقطا للتعارض، أو يثبت منهما ما يوافق أحاديثنا ترجيحاً.
الثاني: أنا نحمل الجهر على صلاة خسوف القمر؛ فإنها روت أنه- عليه السلام- كان يصلي في كسوف الشمس والقمر أربع ركعات وأربع سجدات، كما تقدمت حكايته عن رواية الدارقطني، وهو يدل على أنه صلى لخسوف القمر، وبه يحصل الجمع بين الأحاديث.
الثالث: أنا نحمله على أنه جهر بالآية والآيتين.
الرابع: أنا نحمله على أنه أسمع نفسه؛ فإن ذلك يسمى جهراً؛ قال ابن مسعود: "ما أسر من أسمع نفسه".
وهذا والذي قبله قالهما الماوردي.
وهذا هو المذهب المشهور.
وقال الإمام: كان لا يبعد من طريق النظر قياسها على صلاة الجمعة في الجهر بالقراءة، وكذلك صلاة العيد.
وفي "الرافعي": أن أبا سليمان الخطابي ذكر أن الذي يحكى عن مذهب الشافعي- رضي الله عنه- الجهر فيها، واحتج له بخبر عائشة، والله أعلم.
قال: وإن كان في خسوف القمر جهر؛ لأنها صلاة ليل. وهذا إجماع؛ كما قال الماوردي.
قال: ثم يخطب خطبتين، أي: في [كسوف الشمس والقمر]، يخوفهم فيهما بالله، عز وجل.

الصفحة 501