كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 4)

الأصل في مشروعية الخطبة في ذلك: ما رواه مسلم عن عائشة في تتمة الحديث السابق: "وانجلت الشمس قبل أن ينصرف، ثم قام فخطب الناس، فأثنى على الله بما هو أهله .. إلى أن قال: "فإذا رأيتموها فكبِّروا، وادعوا الله، وتصدَّقوا يا أمَّة محمَّدٍ، إن من أحدٍ أغير من الله أن يزني عبده وأمته، يا أمَّة محمَّدٍ، والله لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً ولضحكتم قليلاً، ألا هل بلَّغت؟! ".
وقد روى الخطبة فيها جمع من الصحابة، والكل في الصحيح، والقياس يوافقها؛ فإنها صلاة نفل يسن لها اجتماع الكافة؛ فسن لها الخطبة؛ كالعيد.
وإذا ثبت أن الخطبة بعدها مشروعة كانت خطبتين كما في العيد، ولو اقتصر فيها على خطبة واحدة أجزأه؛ حكاه البندنيجي عن نصه في البويطي، وقال: إنه إذا أراد أن يأتي بهما فإنه يخطب- كما فصلنا في العيدين- على المنبر، وجميع ما ذكرناه، وجلسة الاستراحة، والجلوس بين الخطبتين، ويأتي بهما كسائر الخطب: يحمد الله، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويحض الناس على الخير، ويأمرهم بالتوبة والتقرب إلى الله تعالى.
وقوله: "يبدأ بهما كما يبدأ بسائر الخطب"، صريح في أنه لا يكبر في أولها كما يكبر في خطبة العيد، وهو ما قال الرافعي: إن كلام الأصحاب يدل عليه؛ حيث لم يتعرضوا للتصريح به، ولو كان مشروعاً لذكروه خصوصاً في الكتب المطولات.
قال الشافعي: "ويخطب بهم حيث لا يجمِّع بهم".
وقصد بهذا: أن الخطبة للكسوف تصح في الموضع الذي لا تنعقد فيه الجمعة، مثل: القرية الصغيرة، والبادية، والبيوت، لكن بشرط أن يكون ثمَّ جماعة، فإن صلى وحده لم يخطب؛ لأنها تراد لسماع المأمومين.
وإذا انفردت النسوة بإقامتها، لا يشرع لهن الخطبة بعد الصلاة؛ لأن الخطبة

الصفحة 502