كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 4)

ليست من سنة النساء.
قال الشافعي: فلو قامت واحدة منهن، ووعظت وخوفت، كان حسناً.
قال: فإن لم يصل حتى تجلت- أي الآية المنكسفة، شمساً كانت أو قمراً- لم يصل، أي لأجل الشكر، كما يفعل في الاستسقاء إذا سقوا قبل الصلاة؛ لأن الصلاة في حال الجدب كانت لدفع النقمة بالنعمة، فملا زالت بالسقي خلفها علةٌ أخرى، وهي طلب الزيادة والشكر؛ فشرعت الصلاة، ولا كذلك هنا؛ فإن الصلاة عند كسوف الشمس كانت لدفع النقمة، ولا شيء بعد التجلي يطلب بالصلاة؛ فإن النعمة المجردة لا يصلي لها، بل يسجد، وقوله صلى الله عليه وسلم: "فصلُّوا حتَّى تنجلي" يفهم المنع منها بعد الانجلاء مطلقاً.
وإذا عرفت ما قلناه عرفت أن الشيخ بين بما ذكره أولاً [وهو قوله:] فإن فاتت لم تقض، وبما ذكره آخراً وهو قوله: فإن لم يصل حتى تجلت لم يصل- أن صلاة الكسوف لا تصلَّى بعد الانجلاء قضاء ولا أداء لأجل الشكر، وبه يندفع ما توهم أنه تكرار من الشيخ.
ولا خلاف عندنا في أنها إذا تجلت وهو في خلال الصلاة لم تبطل، بل يتمّها؛ لأنها صلاة مؤقتة فلا تبطل بخروج وقتها، وإن لم يشرع فيها القضاء كالجمعة؛ فإن الوقت إذا خرج وهو فيها لا تبطل، بل تنقلب ظهراً، ولو قيل ببطلانها- كما حكاه أبو علي في "شرح التلخيص" عن بعض الأصحاب- لكان الفرق: أن وقت الجمعة محصور يمكن البحث عنه، بخلاف الكسوف.
قال: وإن لم يصل لكسوف الشمس حتى غابت- أي: غربت، وهو المتبادر إلى الفهم- كاسفة، لم يصل؛ أي: وإن لم يوجد الانجلاء الذي هو نهاية وقتها؛ لأن المقصود بالصلاة دفع النقمة برد ضوئها إليها؛ لينتفع به، وقد زال بغيابها.
أما لو غابت عن أعين الناس بتجليل سحاب في النهار، فيصلي؛ لبقاء

الصفحة 503