كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 4)

التجلِّي، يقتضي جواز الصلاة لخسوف القمر بعد طلوع الشمس إذا لم ينجل. وقلنا: إنه أراد بالباب التبويب على الكسوف والخسوف؛ اعتباراً باللغة الأولى كما هو الظاهر، ولا يقال: إن ما ذكره هنا يقتضي المنع؛ إذ لا يلزم من كونه لا يصلي عند غيبوبته خاسفاً بعد طلوع الشمس ألا يصلي مع بقائه. نعم، علة المنع من الصلاة عند غيبوبته بعد طلوع الشمس تقتضي المنع مع البقاء، ففيه تنبيه من هذا الوجه، والله أعلم.
وقد أورد بعضهم سؤالاً فقال: القمر لا يخسف إلا في ليلة الثالث عشر أو الرابع عشر، وإذا كان كذلك فهو يبقى إلى بعد طلوع الفجر، فكيف يفرض غيابه قبل طلوع الفجر؟ وجوابه أنه يؤخذ مما سنذكره من بعد، إن شاء الله تعالى.
قالك وإذا اجتمع صلاتان مختلفتان بدأ بأخوفهما فوتاً، ثم يصلي الأخرى، ثم يخطب كالمكتوبة [والكسوف في أول الوقت، [أي: في أول وقت المكتوبة]، يبدأ بالكسوف ثم يصلي المكتوبة]؛ لأن بذلك يحصل له حيازة الصلاتين، ولو عكس لاحتمل الانجلاء قبل فراغ المكتوبة؛ فيفوته صلاة الكسوف، ولا تعويل على قول المنجم: إن الكسوف يدوم كذا؛ فإن تحكُّم المنجم- كما قال في "الوسيط" في كتاب الصيام- قبيح شرعاً.
قال: ثم يخطب؛ لأن القصد بالخطبة الوعظ، [وهي لا تفوت] بالانجلاء، بل خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما وقعت بعد الانجلاء، وقوله: "فصلوا حتى تنجلي" مؤكد لذلك، وهذا فيما إذا كانت المكتوبة غير صلاة الجمعة، فإن كانت صلاة الجمعة صلى الكسوف وخفَّف، فيقرأ في كل قومة بعد الفاتحة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ونحوها، كما قاله في "المختصر"، ووافق عليه الأصحاب، ثم يخطب وينوي بخطبته الجمعة، ويتعرض فيها للكسوف، ولا يجوز أن ينوي بها الجمعة والكسوف؛ لأنها في الجمعة شرطٌ، وفي الكسوف سنة، والشيء الواحد لا يسقط فرضاً ويحصل سنة.
ثم قضية كلام الشيخ أنه إذا اجتمع الكسوف والعيد، ولم يخف فوت العيد

الصفحة 505