كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 4)

وقد روي أن العباس دعا، ولما فرغ من دعائه نشأت السحاب، وهطلت السماء، وطفق الناس بالعباس يمسحون رداءه ويقولون له: هنيئاً لك، ساقي الحرمين.
واستسقى معاوية بيزيد بن الأسود، وقال: إنا نستسقي بخيارنا وأفضلنا، يا يزيد، ارفع يديك فرفع ورفع الناس فسقوا.
وإخراج النساء ذوات الهيئات والشباب مكروه؛ مخافة الفتتان بهن.
قال: وإن أخرجوا البهائم لم يكره؛ لأنها مما عمَّه الجدب وضمن الله له الرزق، إلا أنه لا يستحب؛ لأنه- عليه السلام- لم يخرجها. وهذا ما أورده البندنيجي والمتولي، وحكاه القاضي أبو الطيب عن الأصحاب وعن نصه في "الأم" حيث قال: ولا آمر بإخراج البهائم؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخرجها، فإن أخرجت فلا بأس.
وقال ابن الصباغ عقيب حكاية هذا النص: فكأنه ما استحب ذلك ولا كرهه. وقال بعضهم: إنه يكره؛ لأنه مخالف للسنة، وفيه تعذيبهم واشتغال الناس بأصواتهم. وادّعى الماوردي أن هذا [ما] عليه سائر الأصحاب، إلا ابن أبي هريرة فإنه قال: إنه مستحب؛ لما ذكرناه من علة نفي الكراهة، وأنه استأنس بما ذكرناه من قصة النملة.
ونسب القاضي أبو الطيب وابن الصباغ القول بالاستحباب إلى أبي إسحاق، وحكاه القاضي الحسين عن القفال أيضاً؛ تمسكاً بالخبر السالف ولم يحك غيره، وهو الذي صححه الرافعي، وأشار الإمام إلى أن الخلاف في المسألة قولان؛ فإنه قال: وفي إخراج البهائم قصداً ترددٌ في النص.
قال: وإن خرج أهل الذمة- أي من الرجال والنساء- لم يمنعوا؛ لأنهم يشاركون المسلمين في طلب الرزق ورجاء الفضل، وما عند الله واسع، وقد يجيبهم الله- تعالى- استدراجاً، قال الله- تعالى- {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي

الصفحة 520