كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 4)

[يصلَّ العصر]، وهو الذي أورده البندنيجي، وهو الظاهر من كلامه في "الأم"؛ فإنه قال: لو صلوها بغير طهارة أعادوها في يومها بعد الظهر وقبل العصر، وقد أورد الرافعي على ذلك سؤالاً فقال: قد قدمنا وجهين في أن صلاة الاستسقاء: هل تكره في الأوقات المكروهة أم لا؟ ومعلوم أن الأوقات المكروهة غير داخلة في وقت صلاة العيد، ولأنه مع انضمام ما بين الزوال والعصر إليه فيلزم ألا يكون وقت الاستسقاء منحصراً في ذلك، وليس لحامل أن يحمل الوجهين في أوقات الكراهة على قضائها؛ فإن صلاة الاستسقاء لا تقضى كما صرح به في "التتمة"؛ لأنها لا تختص بوقت دون وقت، بل أيَّ وقت صلَّوها من ليل أو نهار جاز.
قلت: وفيما قاله نظر من وجوه:
أحدها: أنه قد قيل: إن أوّل وقت صلاة العيد يدخل بطلوع الشمس قبل زوال وقت الكراهة، وهو الأصح في "الروضة"، وعلى هذا فقوله: "ومعلوم أنّ أوقات الكراهة غير داخلة في وقت صلاة العيد" ليس معلوماً؛ بل المعلوم دخول وقت الكراهة فيه، ثم لو قلنا بأنّ وقت صلاة العيد لا يدخل إلَّا بعد زوال وقت الكراهة- كما هو مذكور في موضعه، وأفهمه قول البندنيجي هنا: إنّ وقتها وقت صلاة العيدين سواء لا يفترقان، وهو إذا طلعت الشمس وبرزت قليلاً دخل وقتها في هذا اليوم- فالاعتراض باقٍ؛ لأن وقت الاستواء من الأوقات المكروهة، وهو داخل في وقت العيد؛ إذ هو يخرج بالزوال.
ولا يقال: إن مقصوده جميع أوقات الكراهة؛ لأن ذلك غير مراد في كلام الأصحاب، وقد تعرض لبعض ما ذكرته الشيخ محيي الدين النواوي في "الروضة".
الثاني: على تقدير صحة ما ذكره من أن أوقات الكراهة لا تداخل [في] وقتها، فقوله: "وليس لحامل أن يحمل الوجهين في أوقات الكراهة على القضاء؛ فإن صلاة الاستسقاء لا تقضى" ممنوع؛ فإن ابن الصباغ حكى عن نصه في "الأم" فيما إذا نذر الإمام أن يستسقي لزمه ذلك، وعليه أن يخرج بالناس ويستسقي ويصلي ويخطب بهم، فإن سقوا قبل أن يخرج خرج واستسقى، وكان

الصفحة 522