كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 4)

قالت: "ثم نزل، فصلى بالناس ركعتين"- محمول على الجواز.
قال: وإنما قلنا: إن هذا محمول على الجواز وإن خلافه هو الأفضل؛ لأنه أكثر رواةً، والقياس يعضده؛ فإنها [صلاة] مسنونة شرعت لها الخطبة فكانت بعدها كخطبة العيد والكسوف، وكلام الأصحاب يشير إلى تعين ما بعد الصلاة للاعتداد بالخطبتين، وبه قيد بعض الشارحين كلام الشيخ، والله أعلم.
قال: يستغفر الله في افتتاح الأولى تسعاً، وفي الثانية سبعاً، أي: مكان التكبيرات؛ لأن ذلك أليق بالحال، وهذا ما أورده الماوردي والفوراني والإمام، وتبعهم الغزالي، وعن "البيان" أن المحاملي قال: إنه يكبر فيهما كما في العيد، وهو قضية التشبيه وكلام القاضي أبي الطيب وابن الصباغ في موضع كالمصرح به؛ لأنهما قالا: الفروع المذكورة في صلاة العيد مثلها في الاستسقاء، وفي آخر أنه يكبر في الخطبتين معاً، وكذلك قال البندنيجي حيث قال في صفة الخطبتين: أما الأولى فصفتها أن يكبر ثم يحمد الله .. وساق ما سنذكره، ثم قال: ثم يجلس [ثم يقوم] إلى الثانية فيبتدئها كما ابتدأ الأولى بالتكبير والتحميد والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والدعاء.
قال: ويكثر فيها من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن ذلك أرجى لتحصيل ما يقصده، ومن الاستغفار، ويقرأ فيها {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً* يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً ..} [الآيات] [نوح: 10 - 12]؛ لما روى أن عمر- رضي الله عنه- استسقى على المنبر فلم يزد على الاستغفار، فقالوا: يا أمير المؤمنين، ما نراك استسقيت، فقال: لقد طلبت الغيث بمجاديح السماء التي يستنزل بها المطر، ثم قرأ: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً ...} الآيات [نوح: 10 - 12].
و"المجاديح" جمع "مجدح": بكسر الجيم وفتح الدال، وقيل: بضم الميم، وهو كل نجم كانت العرب تزعم أنها تمطر به، فأخبر عمر أن المجاديح التي يستمطر بها الطر: الاستغفار، لا النجوم.

الصفحة 527