كتاب موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام (اسم الجزء: 4)
ابائهم، وأن الولادة تقع عليها حتى يحصل التغيير بالأ بوين. وقيل: هى ما قضى
عليه من سعادة أو شقاوة يصير إليها. وقيل: هى ما هيىء له. هذا كلام المازرى
وقال أبو عبيد: سألت محمد بن الحسن عن هذا الحديث فقال كان هذا فى أول
الإسلام قبل أن تنزل الفرائض وقبل الأ مر بالجهاد. وقال أبو عبيد: كأنه يعنى أنه
لو كان يولد على الفطرة ثم مات قبل أن يهوده أبواه أو ينصراه لم يرثهما ولم
يرثاه لأ نه مسلم وهما كافران، ولما جاز أن يسبى. فلما فرضت الفرائض ولقررت
السنن على خلاف ذلك علم أنه يولد على دينهما. وقال ابن المبارك: يولد على
ما يصير إليه من سعادة أو شقاوة. فمن علم الله تعالى أنه يصير مسلما ولد على
فطرة الإسلام، ومن علم أنه يصير كافرا ولد على الكفر. وقيل: معناه كل مولود
يولد على معرفة الله تعالى والإقرار به، فليس أحد يولد إلا وهو يقر بأن له صانعا
وإن سماه بغير اسمه أو عبد معه غيره.
والا صح أن معناه أن كل مولود يولد متهيئا للإسلام، فمن كان أبواه أو أحدهما
مسلما استمر على الإسلام فى أحكام الاخرة والدنيا، وإن ثان أبواه كافرين جرى
عليه حكمهما فى أحكام الدنيا، وهذا معنى يهودانه وينصرانه ويمجسانه، أ ى
يحكم له بحكمهما فى الدنيا، فإن بلغ الستمر عليه حكم الكفر ودينهما، فإن
كانت سبقت له سعادة أسلم، وإلا مات على كفره، وإن مات قبل بلوغه فهل هو
من أهل الجنة أم النار أم يتوقف فيه؟ ففيه المذاهب الثلاثة السابقة قريبا والأ صح
أنه من آهل الجنة.
والجواب عن حديث ((الله أعلم بما كانوا عاملين " أنه ليس فيه تصريح بأنهم
فى النار، وحقسقة لفظة ((الله أعلم بما كانوا يعيلون " لو بلغوا، ولم يبلغوا، إ ذ
التكليف لا يكون إلا بالبلوغ. وأما غلام الخضر فيجب تأويله قطعا، لا ن أبويه
كانا مؤمنين، فيكون هو مسلما، فيتأول على أن معناه: أن الله أعلم أنه لو بلغ
لكان كافرا، لا أنه كافر فى الحال ولا يجرى عليه فى الحال أحكام الكفار. والله
أعلم. ا هـ.
39