كتاب موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام (اسم الجزء: 4)
عن الغيلة، فنظرت فى الروم وفارس فاذا هم ئغمفون أولادهم فلا يضر أولادهم
شيئا " والغيلة هى جماع المرضع أو الحامل، واللبن الذى ترضعه المرأة ولدها حينئذ
يسمى " الغيل " بفتح الغين وسكون الياء، وكانت العرب ترى أنه يضر الولد.
وقد جاء فى عباراتهم عن الولد ((ولا أرضعته غيلا " ولكن جاء فى رواية أبى داود
عن أسماء بنت يزيد بن السكن أن النبى -! ت - نهى عنه، حيث قالت:
سمعت رسول الله -! ط - يقول ((ولا تقتلوا أولادكم سرا، فإن الغيل يدرك
الفارس فيدعثره عن فرسه " أى يصرعه ويهلكه إذا صار رجلا، فهو لا يقوى على
منازلة الشجعان، فكيف ينهى النبى - ايم! ط - عنه فى حديسسا أسماء مع أ ن
حديث جدامة يبين أنه لم ينه عنه ئج وقد يجاب على ذلك بأن النبى - اعدط نهى
عنه نهى إرشاد، فهو من قبيل المكروه، ولم ينه عنه نهى تحريم بحيث يمنع الرجل
منه، لأن فيه مشقة عليه. كما يقال: كيف يثبت النبى - اكلط - أن فيه ضررا
فينهى عنه، وينفى فى حديث جدامة أنه يضر فلا ينهاهم؟ وقد يكون الجواب أ ن
إثبات الضرر كان بناء على المعهود عند العرب، فقد كانوا يتنزهون عنه
ويلتمسون! ولادهم المراضع، ليستطيعوا مباشرة زوجاتهم دون خوف على
الأولاد، ونفى الضرر بناء على ما عرفه من أحوال الفرس والروم، وكان نهيه عنه
أولا للإرشاد ولم يشأ أن يجزم به. وقد يكون حديث جدامة بعد حديث أسماء
عندما عرف ما عند الفرس والروم. وقد يقال: إن هذا الحكم يتعلق بأمور الدنيا
فيجوز للرسول - اكلط - أن يحكم فيه بتجربته ؤعلمه، ولا يكون إلزاما للناس،
كما حدث فى إشارته بعدم تلقيح النخل قائلا لهم بعد ذلك ((أنتم أعلم بأمور
دنيا ثم " ولم يلزمهم إلا باتباع ما يأمرهم به من أمور الدين.
وقال ابن القيم: إن وطء الحامل والمرضع لو كان حراما لكان معلوما من
الدين، وكان بيانه من أهم الأ مور، ولم تهمله الأمة وخير القرون، ولا يصرح أحد
منهم بتحريمه، فعلم ان حديث أسماء على وجه الإرشاد والاحتياط للولد، وألا
يعرضه لفساد اللبن بالحمل الطارىء عليه، ولهذ كانت عادة العرب أن يسترضعوا