كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 4)

ص: ورَوَوْا ذلك أيضًا عن سويد بن غفلة، كما حدثنا أبو بشر عبد الملك بن مروان الرقي، قال: ثنا شجاع بن الوليد، عن زهير بن معاوية، عن الوليد بن قيس قال: "سألت سويد بن غفلة أيقرأ في الظهر والعصر؟ فقال: لا".
ش: أي روى هؤلاء القوم ترك القراءة في الظهر والعصر أيضًا عن سويد بن غفلة بن عوسجة أبي أمية الكوفي المخضرم، وقد روي أنه صلى مع النبي - عليه السلام - ولم يثبت.
وهذا إسناد جيد؛ لأن رجاله ثقات.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (¬1): ثنا الفضل، عن زهير، عن الوليد بن قيس قال: "سألت سويد بن غفلة، أقرأ خلف الإِمام في الظهر والعصر؟ قال: لا".
ص: فقيل لهم: ما لكم فيما روينا عن ابن عباس حجة، وذلك أن ابن عباس قد روي عنه خلاف ذلك:
حدثنا صالح بن عبد الرحمن الأنصاري، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، قال: أنا حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "لقد حفظت السنة غير أني لا أدري كان رسول الله - عليه السلام - يقرأ في الظهر والعصر أم لا".
فهذا ابن عباس قد أخبر في هذا الحديث أنه لم يتحقق عنده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يقرأ فيهما وإنما أمر بترك القراءة -فيما تقدمت روايتنا له عنه- لأن رسول الله - عليه السلام - لم يكن يقرأ في ذلك فإذا انتفى أن يكون قد تحقق ذلك عنده عن النبي - عليه السلام - انتفى ما قال من ذلك؛ لأن غيره قد تحقق قراءة رسول الله - عليه السلام - فيهما مما سنذكره في موضعه في هذا الباب إن شاء الله تعالى مع أنه قد روي عن ابن عباس من رأيه ما يدل على خلاف ذلك.
¬__________
(¬1) "مصنف ابن أبي شيبة" (1/ 331 رقم 3796).

الصفحة 10