كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 4)

لأن الحكم ينتهي بانتهاء علته، ولذلك كان ابن مسعود - رضي الله عنه - لم يقنت من بعد رسول الله - عليه السلام - في صلاة الفجر.
وقال الطبراني في "الكبير" (¬1): ثنا إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن أبي إسحاق، عن علقمة والأسود: "أن ابن مسعود كان لا يقنت في صلاة الغداة".
وهذا إسناد صحيح في غاية الصحة.
وقال أيضا (¬2): ثنا فضيل بن محمَّد الملطي، ثنا أبو نعيم، نا أبو العميس، حدثني عبد الرحمن بن الأسود قال: "كان عبد الله لا يقنت في صلاة الغداة، وإذا قنت في الوتر قبل الركعة".
ثنا (¬3) محمَّد بن النضر الأزدي، نا معاوية بن عمرو، نا زائدة، ثنا حصين بن عبد الرحمن، عن إبراهيم قال: "لم يكن عبد الله بن مسعود يقنت في صلاة الغداة".
ثنا (¬4) علي بن عبد العزيز، ثنا حجاج بن المنهال، ثنا حماد، عن أبي حمزة، عن ابن مسعود: "أنه كان يقنت في الوتر قبل الركوع، ولا يقنت في صلاة الفجر". انتهى.
فهذا كله دليل على ثبوت نسخ القنوت في الفجر عنده، إذْ لو لم يثبت لما وسعه تركه على ما لا يخفى.
فإن قيل: يمكن أن يكون القنوت خفي عليه كما خفي عليه وضع الأيدي على الركب في الركوع، حتى ثبت على القول بالتطبيق إلى أن مات.
قلت: كيف يخفى عليه ذلك؟ والحال أنه قد روى أنه - عليه السلام - قنت، ولو لم يكن يرو شيئًا فيه لأمكن ذلك كما في مسألة التطبيق، فإنه ما روى عنه - عليه السلام - غير التطبيق، وما
¬__________
(¬1) "المعجم الكبير" (9/ 284 رقم 9429).
(¬2) "المعجم الكبير" (9/ 284 رقم 9430).
(¬3) "المعجم الكبير" (9/ 284 رقم 9431).
(¬4) "المعجم الكبير" (9/ 284 رقم 3294).

الصفحة 336