كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 4)
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا وهب ومؤمل بن إسماعيل، قالا: ثنا شعبة، عن الحكم، عن أبي الشعثاء قال: "سألت ابن عمر - رضي الله عنها - عن القنوت، فقال: ما شهدت وما رأيت" في حديث وهب، وفي حديث مؤمل: "ولا رأيت أحدًا يفعله".
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا زائدة، عن الأشعث، عن أبيه قال: "سئل ابن عمر عن القنوت، فقال: وما القنوت؟! قال: إذا فرغ الإِمام من القراءة في الركعة الأخيرة من صلاة الصبح قام يدعو، قال: ما رأيت أحدًا يفعله، وإني لأظنكم معاشر أهل العراق تفعلونه".
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا زائدة، عن منصور، عن تميم بن سلمة قال: "سئل ابن عمر عن القنوت ... " فذكر مثله، إلا أنه قال: "ما رأيت ولا علمت".
قال أبو جعفر -رحمه الله-: فوجه ما روي عن ابن عمر في هذا الباب: أنه رأى النبي - عليه السلام - إذا رفع رأسه من الركعة الأخيرة قنت، حتى أنزل الله -عز وجل- عليه: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} فترك لذلك القنوت الذي كان يقنته، وسأله أبو مجلز فقال: الكِبَر يمنعك من القنوت؟ فقال: ما أحفظه عن أحد من أصحابي -يعني عن أحد من أصحاب النبي - عليه السلام -- أي أنهم لم يفعلوه بعد ترك رسول الله - عليه السلام - إياه، وسأله أبو الشعثاء عن القنوت، وسأله ابن عمر عن ذلك ما هو؟ فأخبره أن الإِمام إذا فرغ من القراءة في الركعة الأخيرة من صلاة الصبح قام يدعو، فقال: ما رأيت أحدًا يفعله؛ لأن ما كان هو علمه من قنوت النبي - عليه السلام - إنما كان الدعاء بعد الركوع، وأما قبل الركوع فلم يره منه ولا من غيره، فأنكر ذلك من أجله، فقد ثبت بما روينا عنه نسخ قنوت رسول الله - عليه السلام - بعد الركوع، ونفي القنوت قبل الركوع أصلا، وأن النبي - عليه السلام - لم يكن يفعله، ولا خلفاؤه - رضي الله عنهم - من بعده.