كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 4)
فقال: لا يا بني، هي محدثة.
ثنا وكيع (¬1)، قال: ثنا محمد بن قيس، عن عامر الجهني "أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان لا يقنت في الفجر، وقال عامر: ما كان القنوت حتى جاء أهل الشام".
ثنا وكيع (¬2)، قال: ثنا إسرائيل، عن جابر، عن عامر قال: "لم يقنت أبو بكر ولا عمر في الفجر".
فإن قيل: قال ابن حزم (¬3): قال بعض الناس: الدليل على نسخ القنوت ما رويتموه من طريق معمر، عن الزهري، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه: "أنه سمع رسول الله - عليه السلام - حين رفع رأسه من صلاة الصبح من الركعة الآخرة قال: اللهم العن فلانا وفلانا -دعا على ناس من المنافقين- فأنزل الله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} (¬4) الآية.
قال علي: هذا حجة في إثبات القنوت؛ لأنه ليس فيه نهي عنه، وهذا حجة في بطلان قول من قال: إن ابن عمر جهل القنوت، ولعل ابن عمر إنما أنكر القنوت في الفجر قبل الركوع، فهو موضع إنكار.
قلت: ابن حزم حفظ شيئًا وغابت عنه أشياء؛ لأن قوله: "هذا حجة في إثبات القنوت" ليس على الإطلاق في معناه أنه حجة في إثبات ما كان من القنوت أولًا، وحجة أيضا على انتساخ ذلك، فأول النص حجة في إثباته، وآخره وهو نزول الآية حجة في انتساخه، فابن حزم أخذ الجانب الواحد وجعله حجة مطلقا، وترك الجانب الذي عليه وعلى أمثاله ممن يرى بالقنوت في صلاة الفجر، وقوله: "وهذا
¬__________
(¬1) "مصنف ابن أبي شيبة" (2/ 103 رقم 6983).
(¬2) "مصنف ابن أبي شيبة" (2/ 104 رقم 6997).
(¬3) "المحلى" (4/ 144).
(¬4) سورة آل عمران، آية: [128].